وأما قوله:"وعند حفينة الخبر اليقين" فإن أكثر الناس يقولون والعامة: جهينة بالهاء، قال "أبو العباس"- رحمه الله-: وقال "أبو عبد الله- يعني ابن الأعرابي-: حفينة، وأما جهينة فاسم قبيلة، والنسبة إليها: جهني، وأما "جفينة" فاسم رجل قتل رجلا كان سافر معه، فانصرف جفينة ولم ينصرف رفيه، فكانت أخته تتلقى الركبان، تسألهم عن أخيها واسمه "خصيل"، فقال بعض الشعراء:
تسائل عن خصيل كل راكب وعند جفينة الخبر اليقين
فضرب به المثل. وقبيلة من اليمن كان يقال لها: بنو جفنة الغسانيون، وفيهم يقول حسان ابن ثابت:
أولاد جفنة حول قبر أبيهم قبر ابن مارية الكريم المفضل
وأما قوله: "افعل ذاك وخلاك ذم" فمعناه: خلا منك دم، أي ولا تكون مذموما، ولكن حذف الجار، وعدي الفعل بنفسه إلى الكاف، كما قال الله تعالى:(وإذَا كَالُوهُمْ أَو وزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) يعني: كالوا لهم ووزنوا لهم. والعامة تقول: وخلاك ذنب، ومعناه صحيح غير فاسد؛ لأنه في معنى خلا منك ذم. ولكن العرب إنما تضربه مثلا بالذم لا بالذنب.