للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها" أي: لا تكون ظئرا لقوم، فليس معنى الحرة ههنا ضد الأمة، ولكن الحرة الكريمة الحسيبة، أي الكريمة تصبر على الجوع والضر ولا تلتمس المكاسب الدنية، ولا ترضع بالأجرة، فتأكل ببيع لبنها، فكأنها إنما باعت ثدييها. والعامة تقول: ولا تأكل ثدييها، وهو جائز على المبالغة في المعنى، ولكن المثل ليس هكذا. والظئر: المرضعة غير ولدها من الناس والإبل.

وأما قوله: "تحسبها حمقاء وهي باخس"/ هكذا جرى المثل وإن شئت قلت بالهاء، فإنما يعني: أن العرب تقول: باخس، بغير هاء، وأن الهاء جائز فيها، كما تقول العرب: باخسة، وحذفها أجود؛ لأن المثل يحذف منه للتخفيف. ومعنى باخس، أي ذات بخس، ومعنى باخسة، أنها تبخس. وهو مثل يضرب لمن تظنه أبله أو غمرا مغفلا، فتجده خبيثا في المعاملة، يبخسك أي ينقسك. قال الله تعالى: (ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) وقال [تعالى]: (وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ) أي ناقص عن قيمته.

وأما قوله: وتقول: "الكلاب على البقر" فتنصبها وترفعها، فإنه يعني أن النصب والرفع جائزان في الكلاب، فالرفع فيها على الابتداء، وما بعدها خبر المبتدأ. وأما النصب، وهو الأكثر فعلى إضمار فعل، كأنك قلت: دع الكلاب على البقر. وقال غيره: إنما المثل أن يقال: الكراب على البقر، وتنصب إن شئت الكراب، وإن شئت ترفعه. والكراب: شق

<<  <   >  >>