اعلم أن هذا الباب والبابين الأولين صنف واحد؛ لأنهما جميعاً بغير ألف. ولم يجب أن يفرده ويكثر به الأبواب. وكأنه قصد إلى كلمات تزيد العامة في أوائلها الألف خطأ منها؛ فلذلك جعل له باباً على حدته؛ لأن العامة تغلط بإدخال الألف في ماضي هذا الباب، كما تغلط في الحروف والحركات في ماضي البابين الأولين ومستقبلهما. وقد غلط ثعلب في وضعه قولهم: هرقت الماء، في هذا الباب؛ لأنه قد ترجمه؛ بباب فعلت بغير ألف. وإنما هرقت من باب أفعلت بالألف عند جميع النحويين، وإنما هذه الهاء التي في هرقت بدل من الألف التي تكون في أفعلت؛ لأن أصل هرقت: أرقت. وهو فعل معتل العين من الواو، واصله: أروقت؛ لأنه من قولنا: راق الماء يروق، وأروقته أنا، ولكنه لما اعتلت الواو في راق يروق وجب أن يعتل في الرباعي أيضاً، فصارت ألفاً، وانتقلت فتحتها إلى الراء، فصارت أراق، فلما كانت هذه الكلمة مما يكثر استعماله في الكلام، استثقلت الهمزة في أولها، فأبدلت منها الهاء؛ لأنها ألين، كما قالوا: هياك في إياك، ولهنك، في لإنك. وهذه الهمزة التي في أراق تسقط في ماضيه، لئلا يجتمع همزتان، فيقال: أنا أريق، وأصله أؤريق؛ فمن العرب من يزيد بين حرف المضارعة، وبين الراء هاء ساكنة، عوضاً من/ الهمزة التي تسقط، لأن الهاء ليست تستثقل مع الهمزة، فيقولون: أنا أهريق. وزعم سيبويه أن هذه الهاء عوض من ذهاب حركة العين المعتلة. وإنما قال ذلك؛ لأنهم زادوا هاء في الماضي أيضاً، فقالوا: أهراق. ولم تحذف من الماضي همزة، فتكون عوضاً منها، فلما جرى ذلك في الماضي والمستقبل، جعل علتهما واحدة، وشبهها بالسين التي تزاد في قولهم: اسطاع يُسْطِيع، وإنما هي: أطاع يطيع. فمن العرب من يقول في المستقبل: يهريق، فيفتح الهاء،