اعلموا أن قوله: ما يقال للمؤنث بغير هاء، كلام غير صحيح؛ لأن المؤنث لا يقال: فعله بالهاء أصلا، وإنما يقال بالتاء، نحو قامت وقعدت. وأما اسمه فعلامة التأنيث فيه التاء التي لا تظهر في الإدراج والإضافة، مثل قولك: رحمتك، ورأفتك، وجارية فلان، ونعمة الملوك. وإنما الهاء بدل من هذه التاء في حال الوقف خاصة؛ ليفصلوا بذلك بين التاء الأصلية، وبين التي للتأنيث. ومما يدل على ذلك أن علامة التأنيث في الفعل التاء وحدها، ولا يبدل منها في الفعل الهاء الانفصال الفعل من الاسم بالبناء وغيره، فهذا حقيقة/ المعنى في هذه الهاء التي يسمونها "هاء التأنيث" على المسامحة، وليس الهاء في شيء من الكلام علامة للتأنيث، وإنما هي بدل كما قلنا من تاء التأنيث في حال الوقف على الكلمة خاصة، وهي زائدة. وقد تزاد أيضا لبيان الحركة عند الوقوف على المتحرك، ولا تكون بدلا، وتزاد في مواضع غير ذلك؛ ولذلك زعم النحويون أن الهاءات ثمانية، منها "هاء الأصل" التي في مثل: وجه وشبه. و"هاء التأنيث" التي في مثل: نخلة ودابة وقائمة، وقد بينا أنها ليست بعلامة التأنيث. و"هاء التنبيه" التي في أول: هذا وهذه وهؤلاء، وهذا خطأ؛ لأن حرف التنبيه ههنا إنما هو حرفان: الهاء مع الألف، وهي كلمة منفصلة تامة، بمنزلة "يا" التي في النداء، وإنما تحذف الألف منها في الخط خاصة، لا في اللفظ، ولو حذفت للتخفيف منها الألف لكانت ثابتة في النية، وذلك في قولهم: