للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تصحيح الباب الرابع

وهو باب فُعل بضم الفاء

اعلم أن هذا الباب، إنما هو للفعل الذي يحدث به من المفعول، الذي لا يسمى/ فاعله ولا يكون إلا مضموم الأول في ماضيه ومستقبله، ثلاثيه ورباعيه، فمنه ما هو على بناء فُعِل مخففاً، ومنه ما هو على بناء فُعِّل مشددا، ومنه على أُفعِل بألف. ومنه على افتُعل، وفُوعِل، وتُفُوعل، واستفعِل، وفُعْلِل، ونحو ذلك. ولم يترجم ثعلب هذا الباب إلى بفُعِل، بضم الفاء وحده، وقد أتى معه بغير فُعِل. وكان يجب أن يترجمه بباب ما كان بمعنى فُعِل؛ ليستوعب جميع الباب، وما تقدم من الأفعال في الأبواب الماضية، يَدْخل كله إذا لم يسم فاعله في هذا الباب. وهذا الباب يكون الثاني من ماضيه إذا كان ثلاثياً مكسوراً، ليكون مخالفاً لأبنية الأفعال الماضية التي قدمنا شرحها، مما كسر أو ضم أو فتح ثانيه في الماضي. ويكون الثالث الذي كان في الماضي مكسوراً مفتوحاً في مستقبله، وهو عين الفعل. ويستوي في ذلك المتعدي وغير المتعدي وفعل المطاوعة وغيرها، إلا أن يكون فيه حرف علة، فيغير بناؤه بالاعتلال، وذلك نحو قولهم: ضُرِب وهو يُضرَب، وجُلس عند ويُجلَس غدا، وإنما قصد لذكر ما تغلط فيه العامة من هذا الباب؛ فتفتح أوله على مثال ما قد سمي فاعله وتجريه مجراه؛ ليبين الصواب من الخطأ فيه. وفيه ما يجوز فيه الوجهان، وإن كان أحدهما أكثر استعمالاً، فهو يختار الأكثر، فمن ذلك قولهم: عُنيت بحاجتك بضم العين وكسر النون؛ لأن التاء علامة مفعول لم يسم فاعله، وإنما الفاعل الحاجة أو المودة، وهي التي عنتك، تقول عنتني حاجتك، وعناني أمرك وعنتني مودتك،/ لأنك قد سميت الآن الفاعل. وقد عنيت بأمرك وبحاجتك، فأنت معني بها، لأنك مفعول للأمر أو الحاجة، واسمك معني من العناية، وكان أصله أن يقال معنوي على مثال مفعول، ولكن الواو والياء إذا اجتمعا والأول منهما ساكن، جعلا جميعا ياءين، وادُّغما، استثقالا لاجتماعهما، فلذلك قيل: مَعيِيّ وكسرت النون، التي كانت مضمومة قبل واو مفعول، لما صارت الواو ياء، لأن الضمة لا تكون قبل ياء ساكنة.

<<  <   >  >>