للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد حكي عن بعض العرب: عَنيت بحاجتك، بفتح العين، على مثال فَعِلتُ، فأنا أَعْنَى، بمعنى الانفعال والمطاوعة، لأن فَعِلت من أبنية المطاوعة، فمن كانت هذه لغته جاز أن يقول في الأمر: لتَعنَ بحاجتي، بفتح التاء أيضاً، وهو قليل في كلام الفصحاء؛ فلذلك لم يختره ولم يذكره.

وأما الرباعي من هذا الباب، فإن الحرف الثالث من ماضيه هو المكسور، والرابع من مستقبله هو المفتوح، وهما عين الفعل، ولكن لما لحقت أوائلهما الزيادة، وهي في همزة النقل تأخرت العين عن مكانها، فمن ذلك قولهم: أُولِعت بالشيء؛ لأنه من باب أفعلت وليس من باب فعلت، فعين الفعل ثالثة الألف الزائدة في الماضي، ورابعة في المستقبل، وإن كان قد حُذف الألف من أفعل من المستقبل، فصار عين الفعل كأنه فيه أيضاً ثالث؛ لأن الأصل في قولهم: أنا أُولَع: أنا أُأَوْلَعُ، بهمزتين مثل قولك في الرباعي الأصلي: أنا أُدحرَج. وقولك: أُولعت بالشيء، أي فُعِلت فأنت مفعول والفعل بك غيرك، كقولك: أولعني الله به، فأنا أولع به، واسمك مولع،/ بفتح اللام، والفاعل مولع، بكسرها، وقد حكي عن بعض العرب: ولعت، بغير ألف مكسورة العين من الفعل على معنى الانفعال والمطاوعة، كأنه قال أولعني الله فولعت. وليس فعل متعد إلا وله فعل مطاوعة، غير متعد؛ إما على انفعل وإما على افتعل أو تفعل أو فَعِل، وهو القياس، وإن قل استعمال بعض ذلك، أو لم يسمع، وليس كل مستعمل مسموعا مرويا. وإنما قال أهل العربية: لا يقال ولعت وهو الوقع، فهذا يقوي ما بينا من القياس. والعامة لا تقول إلا ولعت، كأنهم قد أولعوا بمخالفة الفصحاء، إما استثقالا لكلمهم، وإما عجزا عن النطق به، وجهلا بتصريفه، وعامة أهل اللغة يزعمون أن هذا الباب لا يكون إلا مضموم الأول، ولم يقولوا

<<  <   >  >>