إنه إذا سمي فاعله جاز بغير الضم، وهذا غلط منهم؛ لأن الأفعال كلها مفتوحة الأوائل في الماضي فإذا لم يسم فاعلها فهي كلها مضمومة الأوائل، ولم يخص بذلك بعضها دون بعض. وقد بينا ذلك بعلله وقياسه؛ ليستغني بمعرفته القياس عن تقليد "ثعلب" وغيره.
وأما قوله: غبن غبناً، فليس من هذا الباب؛ لأنه فعل قد سمي فاعله وهو من باب فعلت، بكسر العين وفتح الفاء. ولو قيل منه: قد غبن اليوم غبن شديد بالضم لجاز على ما شرحنا. وإنما ذكره في هذا الباب؛ لأن الاشتقاق في الغبن الساكن والغبن المفتوح واحد؛ لاشتراكهما/ في الحروف، إلا أنت بين مثالي الفعلين فرقا؛ فبين ذلك، واعترض به في الباب، ولافتراق مثال الفعلين فيهما كان م صدر أحدهما مفتوح الأوسط ومصدر الآخر ساكن الأوسط، وأحد الفعلين متعدياً، والآخر غير متعد، بل هو كالانفعال. وكذلك ذكره أديربي، وهو بمنزلة أولعت بالشيء، وهو من باب أفعلت رباعي، وليس من الثلاثي. وإنما ذكره لأنه مما لم يسم فاعله أيضا؛ فماضيه بكسر العين من الفعل في الثلاثي والرباعي.
وأهل اللغة أو عامتهم يزعمون أن فعل وأفعل بهمزة وبغير همزة، قد يجيئان بمعنى واحد. وأن قولهم: ديربي، وأديربي من ذلك، وهو قول فاسد في القياس والعقل، مخالف للحكمة والصواب. ولا يجب أن يكون لفظان مختلفان لمعنى واحد، إلا أن يجيء أحدهما في لغة قوم، والآخر في لغة غيرهم، كما يجيء في لغة العرب والعجم، أو في لغة رومية، ولغة هندية. وقد ذكر ثعلب أن أدير بي لغة، فأصاب بذلك، وخالف من يزعم أن فعلت وأفعلت بمعنى واحد. والأصل في هذا: قد درت، ودار رأسي، وهذا الفعل اللازم، ثم ينقل إما بالباء، وإما بالألف فيقال: قد ديربي، وأدرت، فهذا القياس، ثم جيء بالباء مع الألف فقيل: قد أدير بي، كما قيل: قد أسري بي، على لغة من قال أسرى في معنى سرى، لأن إدخال الألف في أول الفعل، والباء في آخره للنقل خطأ، إلا أن يكون قد نقل مرتين؛ إحداهما بالألف، والأخرى بالباء.
وأما قوله في هذا الباب: ومن العاقر عقرت، بفتح/ العين، وضم القاف، فليس من هذا الباب. وكان يجب ألا يدخله فيه، ولكنه اعترض به؛ لأن العاقر بمعنى العقيم، وهو مما سمي فاعله، فلا معنى لذكره فيما لم يسم فاعله. وإنما هو من باب انفتح أوله،