بدل الكاف، أي أبعد الله الغائب. وقد يكون بين الرجلين كلام فيقول: إن كنت/ كاذبا، فأبعد الله الآخر. وهو يريد أبعدك الله، ولكنه كره مواجهته بالكاف فكنى عنها بالآخر، وقد مضى تفسيرها في قوله: بعته بأخره.
وأما قوله: والشيء منتن؛ فإن للعرب فيه لغتين؛ إحداهما هذه التي ذكرها على وزن مفعل، وهو اسم الفاعل من قولك: أنتن الشيء وهو منتن، فهذا بناؤه الجاري على فعله في القياس، ومستقبله: ينتن، ومصدره الإنتان، على الإفعال، بمنزلة قولهم: أكرم يكرم إكراما، وهو مكرم. واللغة الأخرى مغيرة عن الأصل، جارية على غير قياس، وهي قولهم: منتن، بكسر الميم، وهي لغة العامة وهي أكثر في الكلام لخفتها، كأنهم كرهوا ضمة قبل كسرة، ليس بينهما حاجز حصين، فأتبعوا الميم التاء في الكسرة، ليكون الثقل من وجه واحد. وقد حكى "الأخفش" أن من العرب من يقول: منتن، بضم التاء على ضمة الميم لمثل ذلك، كما قالوا: منخل ومسعوط. وبين قولهم: منتن وبين منخل ومسعط فرق بين، وبون بعيد؛ وذلك أن المنتن إنما هو اسم فاعل من أنتن الشيء، من النتن، وأصله نتن ينتن ينتنا، والمنخل والمسعط مما ينقل ويستعمل من الآلات، التي تكون الميمات في أولها مكسورة، والعين مفتوحة كالمنجل والمثقب وما أشبه ذلك، فحمل المنتن في الضم على قياس المسعط والمنخل بعيد من القياس. ويقال في جمع المنتن: مناتن، وأنتان أيضا، كأن واحدها مسمى بالمصدر، وهو النتن.
وأما قوله: هي الحلقة من الناس والحديد، بسكون اللام؛ فإن الحلقة ليست بواحدة، ولكنها اسم موضوع للجمع على لفظ الواحد، مثل العصبة والجفة ألا ترى أن الحلقة من الناس اسم جماعة مختلفين، وإن حلقة الحديد اسم للدرع وهي حلقات/ كثيرة مجموعة، وسمي السلاح كله حلقة أيضا. وزعم "الخليل" أنها تجمع على الحلق، بفتح اللام،