الإنسان، وقد فضله الله به على غيره من الحيوان. وقد قدمنا في أول الكتاب من تفسير الشفة واشتقاقها ما يغني عن إعادته ههنا. ثم قد أباحت اللغة استعارة هذا/ الاسم لسائر الحيوان، والموات من الأواني، لأبوابها حروف، وللصور المصورة والأمثلة الممثلة في الثياب والحيطان، والأصنام والأوثان واللعب، التي لا تعقل شيئا، فتقول لحرف الكوز والجرة والحب والقدر والقدح والجراب والزق ونحو ذلك، شفته، فكيف باستعارة ذلك للبهيمة التي هي من جنس الإنسان في الحيوانية، وليس ذلك بمنكر في اللغة وإن كان الأصل في الإنسان؛ لن أكثر اللغة على التشبيه والاستعارة والاختصار والمجاز، ولو حظر ذلك فيها لضاق الكلام علينا، وعسر البيان عما في نفوسنا. وقد زعم أهل اللغة أن "الشفة" لا تكون إلا للإنسان، ولو عنوا أن هذا العضو لا يكون إلا له لصدقوا، ولكنهم ذهبوا إلى أنه لا يسمى بالشفة أول الفم، من غيره. وذلك خطأ، لأنهم يحظرون بذلك الاستعارة والتشبيه والاشتقاق ومعاني كثيرة مباحة في اللغة، لو شئنا أن نأتي من الشعر والكلام الذي قد سمي فيه بالشفة، غير عضو الإنسان، لأتينا منه بالكثير؛ لأنه ذائع فاش مشهور. وسمي المشفر من ذوات الخف مشفرا، وهي الإبل خاصة، وليس فيه من معاني الشفة وأفعالها، التي عددناها شيء، وإن كان يشاركهما في أنهما عضوان من أعضاء الحيوان، وأنهما مقدما الأفواه، وحجابا للأسنان مع اختلاف صورهما وتباين خلقيهما، في الغلظ