أما قوله: تقول هو خصم وهي خصم وهم خصم، للواحد والاثنين والجميع، على حال واحدة، فليس ذلك بلازم فيه كما قال. بل يجوز تثنيته وجمعه وتأنيه على ما شرطناه. ومن الدليل على ذلك قول الله عز وجل:(هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ)، وقوله [تعالى]: (خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ) فثنى الخصم، وذلك من الدليل على أن الخصم يقع على الجماعة قوله عز وجل:(اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) بالواو، وقد ثنى الاسم فقال:(هَذَانِ خَصْمَانِ) لأن كل خصم من الخصمين كان جماعة وطائفة. وكذلك قوله:(وهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الخَصْمِ إذْ تَسَوَّرُوا المِحْرَابَ (٢١) إذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ) فبدأ بالخصم على لفظ واحد، فأوقعه على طائفتين، ثم بين ذلك في الفعل حين قال (تَسَوَّرُوا) فأتى بواو الجميع، وقال:(دَخَلُوا) فأتى بالواو أيضا، وقال:(فَفَزِعَ مِنْهُمْ) فأتى بالهاء والميم، وهما علامة الجمع، وقال أيضا:(قَالُوا لا تَخَفْ) فأتى بالواو، فهذا كله يدل على أنه يجوز التثنية والجمع والتأنيث في مثل هذا، وأنه لا يلزم لزوم لفظ الواحد فيه كما ذكر ثعلب.
فأما قوله [تعالى]: (إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وتِسْعُونَ نَعْجَةً) فإنما حكى عن الرجلين أو الملكين المتقدمين إلى داود خاصة، دون الطائفتين، فإن أردت أن تأتي بالصفة الصحيحة/ بدل المصدر ههنا، جئت بالمخاصم والخصيم؛ لأن الفعل من اثنين، فهو على المفاعل والفعيل، وقد يجيء منه بعضه على الفعل، بالكسر أيضا نحو: قرن وخل وخدن، فعلى هذا يجوز أن يقال: خصم، بكسر الأول وهو قول العامة. وإلى رد هذا أومأ ثعلب، والفعل من هذا: خاصم الرجل أخاه، يخاصمه مخاصمة وخصاما وخصومة، وقد اختصما وهما يختصمان اختصاما، وهم خصوم وخصماء؛ فالخصوم جمع الخصم، والخصماء جمع الخصيم، وهم المتنازعون في الدعاوى والمطالبات بالحقوق وغيرها. وإنما سموا بذلك؛ لأن كل خصم مقابل لخصمه، وفاعل مثل فعله، وقائل مثل قوله: فاشتق ذلك من خصمي الرواية، والإداوة ونحوهما، وهو الطرف الذي بحيال العزلاء في الرواية، والذي عند