للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هذا قولهم: أحر به أن يفعل كذا وكذا، أي أخلق به. ومنه قول الشاعر:

لئن كانت توعدنا بالهجاء فأحر بمن رامنا أن يخيبا

وأما قوله: وكذلك رجل زور وفطر وصوم وعدل ورضى، لا يثنى ولا يجمع؛ لأنه فعل. ورجل ضيف وامرأة ضيف، وقوم ضيف، وإن شئت ثنيت وجمعت، فقد قالوا: أضياف وضيوف وضيفان. وما أتى من هذا الباب/ فهو مثله؛ فإن الزور مصدر قولك: زار يزور زورا فهو زائر، من الزيارة والإلمام، والوصف منه: زائر ومزور، ولكن قد وضع المصدر منه موضع الفاعل للإيجاز. وقد يسمى الزائر: زيرا، على فعل، بكسر الأول، مثل: خل وخدن، يقال: إنه لزير نساء، إذا كان يزورهن كثيرا. وقال الشاعر:

من يك في السواد والدد والإغـ ـرام زيرا فإنني غير زير

والفطر اسم يوضع موضع المصدر، ويستغنى به عن المصدر، ثم يوصف به، ويوضع موضع المفطر، والفعل منه: أفطر يفطر إفطارا. والدليل على أن الفطر ليس بمصدر أنه لا يقال منه: فعل يفعل بغير ألف، وهو أيضا مكسور الأول، مخالف لبناء المصدر الثلاثي، ومعناه الرجوع إلى ابتداء العادة من الأكل والشرب والجماع ولذلك كان معنى فاطر السموات: مبتدئ السموات، ولذلك قيل للعجين، إذا بقي على الحالة الأولى، ولم يختمر: الفطير. والصوم: مصدر قولك: صام يصوم صوما. واسم فاعله: صائم، ومعناه: الإمساك عن الطعام والشراب والجماع، وعن كل شيء. وكذلك العدل هو مصدر قولهم: عدل يعدل عدلا، وهو ضد جار يجور جورا.

ورضا: اسم يوضع موضع المصدر أيضا، وهو اسم على فعل، بكسر الأول، ولو كان مصدرا لكان مفتوح الأول؛ لأن فعله رضي يرضي مثل عمي يعمى، وإنما وضع موضع الصفة، كما وضع قولهم: قوم عدى، فوضع موضع الوصف، وليس بوصف.

وليس قوله إن هذه الأشياء لا تثني ولا تجمع بصحيح، وإنما يجوز ذلك فيها ويمتنع، على الشروط/ التي قدمنا؛ من كثرة الاستعملا وقلته، وإدخاله في باب الأسماء وتركه، ألا ترى أنهم يقولون: رجلان عدلان، وقوم عدول، وقد ذكر هو في ضبف أنك إذا شئت

<<  <   >  >>