للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قريش التخفيف. والعامة غير مخطئة في ترك الهمز ههنا. وليس هذا من قولهم: جاش صدري، وجاش المرجل، إذا غلى، وفار، يجيش جيشا، بغير همز كما قال امرؤ القيس:

على الذبل جياش كأن اهتزامه

ولا هو من قولهم: جشأت نفسي في شيء؛ لأن جشأت همزتها متأخرة. والجأش همزته متوسطة. ومعنى جشأت نفسه وجاشت، أي خبثت وخافت، وقال ابن الإطنابة:

وقولي كلما جشأت وجاشت مكانك تحمدي أو تستريحي

وأما قوله: واجعلها بأجا واحدا، زعم أنه مهموز. والعامة لا تهمزه، وليس/ بمخطئة فيه، بل هي على الصواب. وإنما هي كلمة فارسية، يؤتى بها في أواخر أسماء الطبيخ، كما يؤتى باللون الغريب في أوائلها، فيقولون: سكباج، ونارباج، ودوغباج، وزيرباج، ونحو ذلك. وليست مما يتكلم به العرب، وذلك بين في ألفاظ هذه الأسماء ومعانيها؛ لأن قولهم: "سك" اسم الخل. وقولهم: "نار" اسم الرمان. وقولهم: "دوغ" اسم المخيض من اللبن. وقولهم: "زير" اسم الكمون. وقولهم: "غور" اسم الحصرم. وأما "باج" التي في أواخرها، فبمنزلة النسب في أواخر الأسماء العربية، ومعناه: اللون- وروي- الطعام، فمعنى "سكباج": الخلية أو لون الخل. ومعنى "نارباج": الرمانية، أو لون الرمان. وكذلك سائرها. ومما يبين ذلك حديث يروى عن "عمر بن الخطاب"- رضي الله عنه-: أنا ألوانا من الطبيخ، قدمت إليه على مائدته، من عند بعض الدهاقين، فسأل عنها، فقال: ما هذه؟ فقيل له: هذا سكباج، وهذا زيرباج، وهذا اسفيدباج، ونحو ذلك. فأمر بالقصاع كلها ففرغت في جفنة أو قصعة واحدة، وقال:

<<  <   >  >>