يا جارتي بيني فإنك طالقة كذاك أمور الناس غاد وطارقة
لأنه أراد تطلقين، ولم يكن أوقع بعد طلاقها، وإنما أوعدها، ولو كانت قد طلقت لما قال لها بيني؛ لأن البائن لا يؤمر بأن يبين. ومما يدل على صحة ما شرحنا: أن قوله: طاهر من صفات الرجال والنساء، ولا يخص المؤنث كحائض، قد جاء بغير الهاء للمؤنث. وهذا يبطل قوله الذي أصله. وكذلك طامث، يقال للرجال والنساء، كما قال الله تعالى:(لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنسٌ قَبْلَهُمْ ولا جَانٌّ). وقال النبي- صلى الله عليه-: "أيما امرأة ماتت [بجمع] فلم تطمث دخلت الجنة" فجعل الطمث للرجال، وهو الافتضاض، ولا يقال الطمث لكل نكاح، ولكن للذي تكون منه التدمية والعقر؛ ولذلك قيل للحائض: طامث، وقد طمثت، إذا رأت الدم وقد قالت العرب في خطابها، في وصف البعير الفتى، الذي لم يحمل عليه بعد: ما طمثه حبل قط. فهذا كله دليل أن الطامث لا يخص المؤنث، وقد جاء بغير الهاء كما قال: طاهر. وقد قالت العرب: امرأة حائضة بالهاء،/ والحائض لا يوصف به المذكر وأنشد أهل اللغة في ذلك قول الشاعر:
رأيت ختون العام والعام قبله كحائضة يزني بها غير طاهر
وهذا أيضا مما يفسد ما شرطه. وإنما تؤنث هذه الأشياء وتذكر، لما قلناه. وقد قالوا: حاضت الشجرة، إذا قشر عنها قشرها، فظهرت فيه حمرة كالدم. وكذلك دم الحائض، أحمر، يقال: حاضت تحيض حيضا، وهي حائض وحائضة، على ما شرطنا. والحيضة بالفتح اسم المرة الواحدة، تقول: ما حاضت الجارية إلا حيضة واحدة. وفي الفقه: أن تستبرأ الجارية بحيضتين. والجميع: الحيض؛ بالفتح. فأما الحيضة، بكسر الحاء، فالهيئة والنوع من الحيض. وجمعها: الحيض، بكسر الحاء وفتح الياء. والمحيض يكون