وأما الميتة للذكر والأنثى، فأراد كل ميتة، ولم يخصص بالنطيحة الأنثى دون الذكر بالتحريم، ولكن عملهما، وأتت الصفة على إرادة النفس التي ماتت بغير تذكية. وقد قالت العرب:"بئس الرمية الأرنب" ولم يخصوا بذلك الأنثى دون الذكر، بل عموهما، ولكن الأرنب اسم يقع على الأنثى والذكر، مثل العقرب والشاة. وقد تسمى الشاة ذبيحة قبل أن تذبح، إذا كانت معدة لذلك أو مقدرة له، كما يقال للناقة: جزور قبل أن تجزر. وكذلك يقال: أكيلة السبع وفريسة الأسد، إذا عرض/ لذلك. ويقال: ذبيحة العيد، وضحية العيد، ألا ترى أنه قد حرم الميتة التي لم تمت بعد علينا. والمنخنقة التي لم تنخنق، والمتردية التي لم تترد، والنطيحة التي لم تنطح. وإنما بين لنا أنها إذا كانت فهي محرمة. وأما إذا كانت الصفة بعد الموصوف فإنه يستغنى عن العلامة، لا يلتبس بالمذكر؛ لأن الموصوف يدل على تأنيث الصفة.
وقوله: كف خضيب، معناه: ذات خضاب. والكف قد يذكره قوم ويؤنثه آخرون؛ لأنها يد، فخضيب فعيل منقول من مفعولة؛ لأنها خضبت، وهي تخضب وهي مخضوبة خضبا وخضابا. والخضب مصدر فعل الخاضب؛ لأنه متعد، والخضاب اسم ما يخضب به من الحناء أو غيره، ويوضع موضع المصدر أيضا، فإن جعلت الفعل للمرأة قلت: اختضبت تختضب اختضابا، وهي مختضب. ومنه قولهم: خضبته بالدم تخضيبا، وتخضب به تخضبا، وامرأة خاضبة وخاضب، على ما فسرنا، وهي التي تخضب النساء، ولحية خضيب، بمعنى كف خضيب في جميع الوجوه. ودهين أيضا فعيل منقول عن مفعولة؛ لأنها دهنت تدهن دهنا ودهنا. والدهن: اسم لما يدهن به، وقد يوضع موضع المصدر، قال الله تعالى:(وشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وصِبْغٍ لِّلآكِلِينَ) ومعنى لحية دهين: ذات دهن على ما شرحنا في خضيب.