وأما قوله: عام الأول فخطأ في القياس؛ لأن الأول إنما هو صفة العام، وقد أضاف الموصوف إلى صفته، وهذا لا يجوز في شيء من الكلام؛ لأن الإضافة إنما تعرف المضاف بالمضاف إليه، والصفة لا تعرف موصوفها بالإضافة إليها. ولا يقول أحد من العرب هذا ثوب الجيد، ولا هذا فرس الفاره، ولا هذا حمار الأسود، ولا رجل البزاز ولا عبد الرومي، على إضافة الأول إلى الثاني، إلا أن تجعل هذه الصفة المضاف إليها صفة لاسم مضمر غير العام، كأنك تريد: فعل ذلك عام الحديث الأول وعام الخصب الأول، وعام الحديث الأول أو نحو ذلك، وهو مع ذلك رديء؛ لأن الموصوف لم يتقدم له ذكر، فتعرف به صفته. وليس يجوز أن يكون الأول صفة لعام، لأن عاما نكرة، والأول معرفة، ولا توصف النكرة بالمعرفة. والعامة لا تقول إلا "عام الأول"/ ولا تعرفه، ولا تعرف الإضافة ولا غيرها والوجه والصواب في هذا أن يدخل في عام الألف واللام أيضا، ثم يوصف بالأول فيقال: كان ذلك العام الأول، منصوبين على الظرف، أي في العام الأول، حتى يصح الكلام. وقد أجاز "ثعلب" قول العامة كما ترون. وقد كان يجب أن يذكر هذا في باب ما يضاف.
وأما قوله: هو المعسكر، بفتح الكاف، فإن العامة تكسر الكاف، وهو خطأ؛ لأنهم يريدون العسكر نفسه، أو موضع العسكر، وليس يعنون صاحب العسكر فيكون فاعلا مكسور الكاف. وإنما المعكسر بالفتح اسم المفعول، وهو العسكر، الذي قد عسكر صاحبه عسكرة، ومعسكرا. واسم فاعله: معسكر بالكسر، كما تقول: دحرجته دحرجة ومدحرجا وأنا مدحرج، والعسكر المجتمع الذي فيه السلاح والرجال والخيل، وكل مجتمع من شيء كثير فهو عسكره. ومنه قول طرفة:
بات في عسكرة من حبها
وأما قوله: أطعمنا خبز ملة، وخبزة مليلا، ولا تقل أطعمنا ملة؛ لأن الملة: الرمادة والتراب الحار؛ فإنه خبز يدفن في رماد حار أو في رمل حار حتى ينضج؛ وذلك الرماد