الكميت؛ لمذهبه، لا لأدبه. وقد روت العرب عامة في باديتها شعراً لامرئ القيس، تزعم أنه أجاب به "عمراً الحني" حين سأله أن يقول بيتاً فيه سبع عينات، وبيتاً فيه سبع قافات، فقال:
فأرعد رعد الراعدات وأرعدت رواعد رعد رعدهن قصوف
وأبرق برق البارقات وأبرقت بوارق [برق] برقهن خطوف
فأتى بالألف في: أرعد وأبرق، وهو سيد الشعراء، ولم ينكره أحد من العرب عليه.
وأما قوله: هَرِّق ماءك، فمعناه: اصبب ماءك. وقد بينا علته في أول الباب، وبينا أنه ليس من هذا الباب، إنما هو من باب أفعل، بالألف لا غير. فإن كانت الهاء قد أبدلت فيه من همزة أفعل، يقال: راق الماء، وغيره، إذا انصب، يروق رءوقاً، فهو رائق، ولا يقال ذلك إلا إذا كان صافياً خالصاً، من غيره. أرقته أنا أريقه إراقة؛ أي صببته، فأنا مريق، وهو مراق. وهو عام في كل شيء مثله، كالدمع والمطر والخمر والدم وغيره. ومنه قيل: روقت الشراب ترويقاً، إذا صفيته من كدره، وخلصته، مما خالطه، حتى يروق ويصفو. ومنه قولهم: جاء فلان رائقاً، إذا رجع من حاجته فارغاً. ومنه: رَيِّق المطر، وهو ما صفا ورقّ.
وأما قوله: صرفت الصبيان، فمعناه سرحتهم من الكتاب، وكذلك صرفت الرسول والفيح؛ إذا رددته إلى موضعه، الذي جاء منه. وكذلك قوله: صرف الله عنك الأذى. والعامة تقول: أصرفت الصبيان، وأصرف الله عنك الأذى، بالألف، وهو خطأ. ويدل على ذلك أن فاعله: صارف، ومفعوله: مصروف، ومصدره: الصرف، ومستقبله: يصرف،/ بفتح الياء.
وأما قوله: قلبت القوم، فمعناه كمعنى صرفتهم، أي رددتهم. وكذلك تقول: قلبت الصبيان من المكتب، فانقلبوا، كما تقول: صرفتهم فانصرفوا. وقال الله عز وجل: (وإذَا