للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنها شغلت. وقل ما يقال؛ هو أفعل من كذا من فعل المفعول، إنما أكثر الكلام أن يقال ذلك من فعل الفاعل، والفاعل غير من هو في شغل، وإنما فعل المشغول بالزوائد، وهو على افتعل، فلا يقال منه أفعل من كذا. وكل ما منع الإنسان؛ من عمل، أو حديث، أو لهو، أو لعب، أو غم، فهو شغل شاغل له من غيره. والشغل يكون للبدن وللنفس. والشغل ضد الفراغ. يقال أنت فارغ فأنت مشغول. وكل واحد ضد الآخر. ومنه قولهم: فلان فارغ مشغول؛ أي هو متعلق بما لا ينتفع به، ولا يحتاج إليه، فهو مع شغله فارغ، مما يحتاج إليه. ويقال: دار مشغولة؛ أي فيها ساكن. وجارية مشغولة، أي لها بعل. ومال مشغول، أي معلق بتجارة. وكل هذا ضد الفارغ. وأم قول العامة: أُشغلت عنك، وأشغلني عنك كذا فخطأ، وقد شرحناه.

وأما قوله: طل دمه، فهو مطلول، فإن معناه أهدر دمه، أي أبطل، وأذهب بغير حق، بلا قود ولا دية، وكذلك قول الشاعر:

إن بالجزع الذي دون سلع لقتيلا دمه ما يطل

أي لا يبطل، ولكنه يثأر به، وقال السموءل بن عادياء اليهودي:/

وما مات منا ميت حتف أنفه ولا طل منا حيث كان قتيل

يقال طل القتيل نفسه، وطل دمه، أي بطل. وقد طلله قاتله، أي أبطله لهو طال للدم، والدم مطلول. والعامة تقول: أطل دمه بألف. وزعم أهل اللغة أن القولين جميعاً جائزان، بمعنى واحد، وقد بينا الصحيح من ذلك بحججه في كتاب "فعل وأفعل". وقالوا أيضا: طل الدم نفسه، أي بطل، وطله غيره أيضا، على نحو قولهم: جبرته

<<  <   >  >>