وقد يستعار، فيقال للذي أصابته جائحة، أو حادثة من حوادث الدهر: قد نكب، فهو منكوب، لأنه مفعول لم يسم فاعله، وإذا سمي الفاعل قيل نكبه الحجر، ونكبه الدهر، ونحو ذلك، ينكبه نكبا، والأصل فيه النكوب عن الشيء. وذلك أن يمشي الرجل جانباً، عن الجادة، مائلا عن الطريق، فيصيبه ذلك فيقال: قد نكب عن الطريق ينكب نكوباً. ومنه قول الله عز وجل:(عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ). وقد تنكبت الشيء أتنكبه، إذا اجتنبته. ومنه قيل: تنكب الرجل قوسه، إذا جعله على جانبه الأيسر، وهو منكبه والمنكب أيضاً سمي بذلك؛ لأنه جانب عن الوسط. وكذلك مناكب الأرض جوانبها في قول الله عز وجل:(فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا) ويقال: جبالها. وكل منحرف عن الاعتدال ناكب.
وأما قوله: وقد حلبت ناقتك وشاتك، فهي تحلب لبنا، فمعناه معروف وهو أن يستخرج/ من الضرع ونحوه، ما فيه من اللبن، بالكف والأصابع، ونحو ذلك وإنما ذكره؛ لأن العامة تقول: كم حلبت ناقتك، بفتح الأول، فيجعلون الفعل للناقة والشاة، وهو خطأ؛ لأنهما لا يحلبان، وإنما يحلبهما الراعي أو صاحبهما، الذي يستخرج ما في ضروعهما من اللبن، فهو الحالب. وفعله حلب، بفتح الحاء. والناقة محلوبة، فهي تحلب، بضم التاء. وحلبت، بضم الحاء. فإن جعلت الفعل للناقة أو الشاة، أدخلت في أوله الألف. فقلت: كم أحلبت ناقتك، أو شاتك؛ أي كم بلغ حلبها ولبنها، وحلوبة القوم الشاة التي يحلبونها، لا تباع ولا تذبح، وهي شاة حلوب؛ أي كثيرة اللبن.
وأما قوله: رهصت الدابة، فهي مرهوصة، ورهيص، فمعناه أن تصيبها الرهصة، وهي ما ينزل في رسغها، فيبزغ ويستخرج ويداوى. وإنما ذكره؛ لأن العامة تقول: رهصت الدابة، بفتح الراء، وتجعل الفعل للدابة، وإنما الفعل للداء، وهو ذلك الماء.