إلى الحق فمن سمعه ممن حضر فلا يعود إليه ومن غاب فليبلغه من حضر فجزاه الله خيرا وجعل يحتفل لي في الدعاء والخلق يؤمنون.
فانظروا رحمكم الله إلى هذا الدين المتين والاعتراف بالعلم لأهله على رءوس الملأ من رجل ظهرت رياسته واشتهرت نفاسته لغريب مجهول العين لا يعرف من هو؟ ولا من أين؟ واقتدوا به ترشدوا. انتهى.
وما أعظم الفرق بين ما فعله أبو الفضل الجوهري مع الرجل الذي نبهه على خطئه وبين ما يفعله بعض المنتسبين إلى العلم في زماننا، فإن بعضهم إذا نبهه بعض العلماء على أخطائه اشمأز وتحامل على الذي نبهه ورماه بالجهل والتعصب, وغير ذلك مما يرى أنه يشينه، ولا شك أن هذا من الكبر الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الكبر بطر الحق وغمط الناس» بطر الحق رده وغمط الناس احتقارهم.
ومن أعظم ما يبتلى به المرء إعجابه بنفسه وترفعه على أقرانه وبني جنسه، قال ابن عبد البر: وقال ابن عبدوس: كلما توقر العالم وارتفع كان العجب إليه أسرع إلا من عصمه الله بتوفيقه وطرح حب الرياسة عن نفسه.
وروى ابن عبد البر عن كعب أنه قال لرجل رآه يتتبع الأحاديث: اتق الله وارض بالدون من المجلس ولا تؤذ أحدا فإنه لو ملأ علمك ما بين السماء والأرض مع العجب ما زادك الله به إلا سفالا ونقصانا.
وروى ابن عبد البر أيضا عن عمر رضي الله عنه أنه قال:«أخوف ما أخاف عليكم أن تهلكوا فيه ثلاث خلال: شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه».