وروى ابن عبد البر أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث مهلكات وثلاث منجيات، فأما المهلكات: فشح مطاع, وهوى متبع, وإعجاب المرء بنفسه، والثلاث المنجيات: تقوى الله في السر والعلانية ,وكلمة الحق في الرضا والسخط, والاقتصاد في الغنى والفقر».
قال ابن عبد البر: وقال إبراهيم بن الأشعث: سألت الفضيل بن عياض عن التواضع, فقال: أن تخضع للحق وتنقاد له ممن سمعته ولو كان أجهل الناس لزمك أن تقبله منه.
وروى ابن عبد البر أيضا عن مسروق أنه قال: كفى بالمرء علما أن يخشى الله, وكفى بالمرء جهلا أن يعجب بعلمه، قال أبو عمر: إنما أعرفه بعمله، قال: وقال أبو الدرداء: علامة الجهل ثلاث: العجب, وكثرة المنطق فيما لا يعنيه, وأن ينهي عن الشيء ويأتيه. وقالوا العجب يهدم المحاسن، وعن علي رضي الله عنه أنه قال: الإعجاب آفة الألباب، وقال غيره: إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله، ولقد أحسن علي بن ثابت حيث يقول:
المال آفته التبذير والنهب ... والعلم آفته الإعجاب والغضب
وقالوا: من أعجب برأيه ضل, ومن استغنى بعقله زل، ومن تكبر على الناس ذل، ومن خالط الأنذال حقر، ومن جالس العلماء وقر.
وقال الفضيل بن عياض: ما من أحد أحبَّ الرياسة إلا حسد وبغى وتبع عيوب الناس وكره أن يذكر أحد بخير، وقال أبو نعيم: والله ما هلك من هلك إلا بحب الرياسة، وقال آخر:
حب الرياسة داء لا دواء له ... وقلَّ ما تجد الراضين بالقسم