وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قوله وبرسولك الذي أرسلت قال: «لا وبنبيك الذي أرسلت» قال القرطبي تبعا لغيره: هذا حجه لمن لم يجز نقل الحديث بالمعنى وهو الصحيح من مذهب مالك، فإن لفظ النبوة والرسالة مختلفان في أصل الوضع فإن النبوة من النبأ وهو الخبر، فالنبي في العرف هو المنبأ من جهة الله بأمر يقتضي تكليفا، وإن أمر بتبليغه إلى غيره فهو رسول وإلا فهو نبي غير رسول، وعلى هذا فكل رسول نبي بلا عكس، فإن النبي والرسول اشتركا في أمر عام وهو النبأ وافترقا في الرسالة فإذا قلت: فلان رسول تضمن أنه رسول، وإذا قلت: فلان نبي لم يستلزم أنه رسول فأراد صلى الله عليه وسلم أن يجمع بينهما في اللفظ لاجتماعهما فيه حتى يفهم من كل واحد منهما من حيث النطق ما وضع له وليخرج عما يكون شبه التكرار في اللفظ من غير فائدة. انتهى.
قال الحافظ: وأما الاستدلال به على منع الرواية بالمعنى ففيه نظر لأن شرط الرواية بالمعنى أن يتفق اللفظان في المعنى المذكور، وقد تقرر أن النبي والرسول متغايران لفظا ومعنى فلا يتم الاحتجاج بذلك. انتهى.
وقد ذكر بعض العلماء في صفة الرسول أن يكون له كتاب. وقال بعضهم: لا يشترط ذلك فكل نبي أوحي إليه بأمر يقتضي تكليفا وأمر بتبليغه إلى غيره فهو رسول ولو لم ينزل عليه كتاب وهذا هو الصحيح والله أعلم.
الحديث الثاني: قال ابن حبان في صحيحه: أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني والحسين بن عبد الله القطان بالرقة وابن سلم واللفظ للحسن قالوا: حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني حدثنا أبي عن جدي عن أبي إدريس