وقال الحافظ أيضا في الكلام على هذا الحديث (جف القلم):أي فرغت الكتابة إشارة إلى أن الذي كتب في اللوح المحفوظ لا يتغير حكمه، فهو كناية عن الفراغ من الكتابة لأن الصحيفة حال كتابتها تكون رطبة أو بعضها وكذلك القلم فإذا انتهت الكتابة جفت الكتابة والقلم، وقال الطيبي: هو من إطلاق اللازم على الملزوم لأن الفراغ من الكتابة يستلزم جفاف القلم عن مداده، قال ابن حجر: وفيه إشارة إلى أن كتابة ذلك انقضت من أمد بعيد. وقال عياض: معني جف القلم أي لم يكتب بعد ذلك شيئا، وكتاب الله ولوحه وقلمه من غيبه ومن علمه الذي يلزمنا الإيمان به ولا يلزمنا معرفة صفته. انتهى.
وقوله:«فاختص على ذلك أو ذر» قال الحافظ ابن حجر: ليس الأمر فيه لطلب الفعل بل هو للتهديد وهو كقوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} والمعنى إن فعلت أو لم تفعل فلابد من نفوذ القدر وليس فيه تعرض للخصاء، ومحصل الجواب أن جميع الأمور بتقدير الله في الأزل فالخصاء وتركه سواء فإن الذي قدر لابد أن يقع. انتهى.
الحديث الثالث عشر عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره فمن أصابه من نوره يومئذ اهتدى ومن أخطأه ضل فلذلك أقول جف القلم على علم الله عز وجل» رواه الإمام أحمد والترمذي والبزار والطبراني، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وقال الهيثمي: رجال أحد إسنادي أحمد ثقات، وقد رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال: صحيح قد تداوله