للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تقاتل الناس وقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا اللَّه؛ فمن قال: لا إله إلا اللَّه، عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على اللَّه؟ ! فقال أبو بكر: واللَّه لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، واللَّه لو منعوني عقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول اللَّه لقاتلتهم على منعه. قال عمر: فواللَّه ما هو إلا أن رأيت اللَّه قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق".

قال الشافعي: هذا مثل الحديثين قبله في المشركين مطلقًا والمراد مشركو الأوثان، ولم يكن بحضرة رسول اللَّه ولا بقربه أحد من مشركي أهل الكتاب إلا يهود المدينة، وكانوا حلفاء الأنصار ولم تكن الأنصار استجمعت أول ما قدم رسول اللَّه إسلامًا فوادعت يهود رسول اللَّه ولم تخرج إلى شيءٍ من عداوته بقول يظهر ولا فعل حتى كانت وقعة بدر فتكلم بعضها بعداوته والتحريض عليه فقتل رسول اللَّه فيهم ولم يكن بالحجاز علمته إلا يهودي أو نصاري قليل بنجران وكانت المجوس بهجر وبلاد البربر وفارس نائين عن الحجاز دونهم مشركون أهل أوثان كثير.

١٤٤٩٤ - شعيب، عن الزهري، أخبرني عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب، عن أبيه "أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرًا وكان يهجو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ويحرض عليه كفار قريش في شعره، وكان رسول اللَّه قدم المدينة وأهلها أخلاط منهم المسلمون الذين تجمعهم دعوة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومنهم المشركون، ومنهم اليهود وهم أهل الحلقة والحصون وهم حلفاء الحيين الأوس والخزرج، فأراد رسول اللَّه حين قدم المدينة استصلاحهم كلهم، وكان الرجل يكون مسلمًا وأبوه مشرك، والرجل يكون مسلمًا وأخوه مشرك، وكان المشركون واليهود من أهل المدينة حين قدم رسول اللَّه يؤذونه وأصحابه أشد الأذي فأمر اللَّه رسوله والمسلمين بالصبر والعفو فقال: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا. . .} (١) الآية وفيهم نزلت: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} (٢) فلما أبي كعب أن ينزع عن أذى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأذى المسلمين أمر رسول اللَّه سعد بن معاذ أن يبعث رهطًا ليقتلون فبعث إليه سعد محمد بن مسلمة الأنصاري وأبا عبس الأنصاري والحارث ابن أخي سعد بن


(١) آل عمران: ١٨٦.
(٢) البقرة: ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>