للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

· وَالْغَرَابَةُ: كَوْنُ الْكَلِمَةِ وَحْشِيَّةً غَيْرَ ظَاهِرَةِ الْمَعْنَى، وَلَا مَأْنُوْسَةِ الِاسْتِعْمَالِ (١). فَمِنْهُ:

١ - مَا يُحْتَاجُ فِيْ مَعْرِفَتِهِ إِلَى أَنْ يُبْحَثَ عَنْهُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ الْمَبْسُوطَةِ (٢)؛ كَمَا رُوِيَ عَنْ عِيْسَى بْنِ عُمَرَ النَّحْوِيِّ (٣): بِأَنَّهُ سَقَطَ عَنْ حِمَارٍ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالَ: «مَا لَكُمْ تَكَأْكَأْتُمْ عَلَيَّ كَتَكَأْكُئِكُمْ عَلَى ذِيْ جِنَّةٍ؟ اِفْرَنْقِعُوْا عَنِّيْ! ». أَيْ: [مَا لَكُمُ] (٤) اجْتَمَعْتُمْ؟ تَنَحَّوْا عَنِّي. (٥)

أَوْ يُخَرَّجَ لَهُ وَجْهٌ بَعِيْدٌ؛ كَمَا فِيْ قَوْلِ الْعَجَّاجِ (٦): [الرّجز]

. . . . . . . . . . ... وَفَاحِماً وَمَرْسِناً مُسَرَّجَا (٧)


(١) قَسَّمَ ابنُ الأثير الوَحْشِيَّ إلى (غريب حسَنٍ، وغريب قبيح) انظر: المثل السّائر ١/ ١٧٥ - ١٧٦. وكذا قسّم حازمُ القولَ في الغرابة والابتذال إلى تسعة أقسامٍ، ثمّ أشار إلى أنّ الابتذال والغرابة في اللّفظ باعتبار زمانه ومكانه. انظر: منهاج البلغاء ص ٣٨٥ - ٣٨٦.
(٢) تسمّح النُّقَّاد والبلاغيّون مع العرب العَرْباء؛ لأنّ الغريب من سجيّة ألفاظهم. انظر: نقد الشّعر ص ١٧٢. وكذا أشار السّبكيّ إلى أنّ الغريب المذموم هو ما كان غريباً عليهم، لا بالنّسبة لاستعمال النّاس، وإلّا لَأضحى جميعُ ما في كتب الغريب غيرَ فصيح. انظر: عروس الأفراح ١/ ١٨٥.
(٣) أخذ عن أبي عمرو بن العلاء، ت ١٤٩ هـ. انظر: بغية الوعاة ٢/ ٢٢٨ - ٢٢٩.
(٤) من ب.
(٥) انظر الخبر في اللّسان (كأكأ، فرقع)، ولأبي علقمة النَّحويّ في البيان والتّبيين ١/ ٣٧٩ - ٣٨٠ وفيه أنّ بعضهم قال: «دَعُوه فإنّ شيطانَه يَتَكَلَّمُ بالهنديّة»، والصّناعتين ص ٢٧، وسرّ الفصاحة ص ٧٨. وفي مقاييس اللُّغة ٤/ ٥١٣: «[افْرَنقَعوا]، إذا تنحَّوا. وهي كلمةٌ منحوتة من فَرَق وفقَع، لأنَّهم يتفرَّقون فيكونُ لهم عند ذلك فَقْعةٌ وحَرَكة». وهذه الكلمة إضافةً إلى (الغرابة) قد اعتراها عيبٌ آخرُ من عيوبِ فصاحة الكلمة هو (التَّنافُرُ)؛ لأنَّها ثقيلةٌ على اللِّسان.
(٦) ت نحو ٩٠ هـ. انظر: الأعلام ٤/ ٨٦ - ٨٧.
(٧) له في ديوانه ٢/ ٣٤:
أزمانَ أبدتْ واضحاً مُفَلَّجَا ... أغرَّ برّاقاً وطَرْفاً أبرجَا
ومقلةً وحاجباً مُزجَّجَا ... وفاحِماً ومَرْسِناً مُسَرَّجا
وجمهرة اللّغة ١/ ٤٥٨ - ٢/ ٧٢٢، وأمالي القاليّ ٢/ ٢٤٠، وأسرار البلاغة ص ٣١، وأساس البلاغة (رسن)، ومفتاح العلوم ص ٤٧٢، والمصباح ص ١٧١، ولسان العرب (رسن - سرج)، والإيضاح ١/ ٢٤، وإيجاز الطّراز ص ٣٠٥، ولرؤبة في معاهد التّنصيص ١/ ١٤، وبلا نسبة في مقاييس اللّغة (سرج)، وسمط اللّآلي ٢/ ٨٦٦.

<<  <   >  >>