للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَقْلِيَّانِ: وَهُوَ مَا عَدَا ذَلِكَ؛ أَيْ مَا لَا يَكُوْنُ هُوَ وَلَا مَادَّتُهُ مُدْرَكاً بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ الظَّاهِرَةِ؛ كَمَا فِيْ تَشْبِيْهِ (الْعِلْمِ بِالْحَيَاةِ)، وَوَجْهُ الشَّبَهِ بَيْنَهُمَا كَوْنُهُمَا جِهَتَيْ إِدْرَاكٍ.

* * *

٧٩ - وَمِنْهُ بِالْوَهْمِ، وَبِالْوِجْدَانِ ... أَوْ فِيْهِمَا تَخْتَلِفُ الْجُزْآن

وَمِنْهُ: أَيْ مِنَ الْعَقْلِيِّ «الْوَهْمِيُّ»: وَهُوَ مَا يُدْرَكُ

بِالْوَهْمِ: الَّذِيْ لَا يَكُوْنُ لِلْحِسِّ مُدْخَلٌ فِيْهِ (١)، مَعَ أَنَّهُ (لَوْ أُدْرِكَ لَمْ يُدْرَكْ إِلَّا بِهَا). وَبِهَذَا الْقَيْدِ يَتَمَيَّزُ عَنِ الْعَقْلِيِّ؛ كَمَا فِيْ قَوْلِهِ: [الطّويل]

أَيَقْتُلُنِيْ، وَالْمَشْرَفِيُّ مُضَاجِعِيْ ... وَمَسْنُوْنَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ! (٢)

أَيْ: أَيَقْتُلُنِيْ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِيْ يُوْعِدُنِيْ، وَالْحَالُ أَنَّ مُضَاجِعِيْ سَيْفٌ


(١) فالعقليُّ الصِّرفُ: له وجودٌ وثبوتٌ وتحقّقٌ في الذِّهن، ولكنْ لا مُدخَلَ للحواسّ في إدراكِه.
والعقليّ الوهميُّ: يخترعُه الوهمُ، ولا وجودَ له ولا لأجزائه كلِّها أو بعضِها في الخارج، ولا يُدرَكُ بالحواسّ لأنّه ليس موجوداً أصلاً، ولكنّه لو وُجِدَ لكانَ مُدركَاً بإحدى الحواسّ الخمس. وأمّا الحسّيّ الخياليُّ: فهو المعدومُ الذي ركَّبَتْهُ المخيِّلةُ من عدّةِ أُمورٍ، كُلُّ واحدٍ منها يُدْرَكُ بالحِسِّ.
(٢) لامرئ القيس في ديوانه ص ٣٣، والعمدة ١/ ٤٧١، والجمان في تشبيهات القرآن ص ٢٨٧، ونهاية الإيجاز ص ١٠٨، والجامع الكبير ص ١١٦، وكفاية الطّالب ص ١٧٠، وإيجاز الطّراز ص ٧٤٩، ونفحات الأزهار ص ٢٦٣، وأنوار الرّبيع ٥/ ٢٠٠، وبلا نسبة في دلائل الإعجاز ص ١١٧ - ١١٩، ومفتاح العلوم ص ٤٦١، والبرهان الكاشف ص ١٢٦ - ١٧٤ - ٢٦٩. وقيل: سأل بعضهم أبا عُبيدة عن قوله تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصّافات: ٦٥] بأنّه إنّما يقع الوعد والإيعاد بما قد عُرِف مثلُه، وهذا لم يُعرف. فردّ عليه بأنّ الله كلّمهم على قدْر كلامهم، وذكَر لهم بيتَ امرئ القيس، وهم لم يرَوا الغُولَ قَطُّ، ومن ثَمّ عزم على وضع كتابه: «مجاز القرآن». انظر: ثمار القلوب في المضاف والمنسوب ص ٧٧.

<<  <   >  >>