للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْعَامِلِ (١).

فَالْفَصَاحَةُ فِي الْمُتَكَلِّمِ: مَلَكَةٌ يُقْتَدَرُ بِهَا عَلَى التَّعْبِيْرِ عَنِ الْمَقْصُوْدِ بِلَفْظٍ فَصِيْحٍ.

وَقَوْلُ الشَّارِحِ (٢): «وَفِيْ قَوْلِهِ - أَيِ النَّاظِمِ -: (يُعَبِّر) إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فَصِيْحاً إِلَّا حَالَةَ النُّطْقِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَلْ يُسَمَّى بِهِ كُلُّ مَنْ لَهُ مَلَكَةُ الِاقْتِدَارِ».

لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُوْلُ: إِنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: «يُعَبِّر» التَّعْبِيْرُ بِالْقُوَّةِ أَوِ الفِعْلِ، فَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ، فَتَأَمَّلْ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوْا فِي انْحِصَارِ الْخَبَرِ فِي الصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ:

فَذَهَبَ الْجُمْهُوْرُ إِلَى أَنَّهُ مُنْحَصِرٌ فِيْهِمَا، ثُمَّ اخْتَلَفُوْا؛ فَقَالَ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ: صِدْقُهُ مُطَابَقَةُ حُكْمِهِ لِلْوَاقِعِ، وَكَذِبُهُ عَدَمُ مُطَابَقَةِ حُكْمِهِ لَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُوْرُ، وَعَلَيْهِ التَّعْوِيْلُ (٣)؛ فَلِذَلِكَ قَالَ النَّاظِمُ:

* * *

١٠ - وَالصِّدْقُ أنْ يُطَابِقَ الْوَاقِعَ مَا ... يَقُوْلُهُ، وَالْكِذْبُ أَنْ ذَا يَعْدَمَا

وَالصِّدْقُ: أَيْ صِدْقُ الْخَبَرِ


(١) انظر: شرح الكافية الشَّافية ٢/ ٦٤٣، وأوضح المسالك ٢/ ١٨٦.
(٢) انظر: شرح منظومة ابن الشِّحنة للحمويّ، ورقة ٧.
(٣) ورأى نفرٌ من وراء الجاحظ وأستاذه النَّظَّام أنّ الخبر: «هو مطابقة الكلام لاعتقاد قائله»؛ ومثاله: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: ١] فقول المنافقين: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} - على مطابقته للواقع - مُكذَّبٌ؛ لخلافه معتقدَهم.
انظر: البلاغة عند المعتزلة ص ٢٣٥.

<<  <   >  >>