للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيْهِ: أَيْ فِي الْمَقَامِ الطَّلَبِيِّ

يُحْمَدُ: أَيْ يَحْسُنُ؛ لِيُزِيْلَ ذَلِكَ التَّأْكِيْدُ تَرَدُّدَ الْمُخَاطَبِ، وَيَتَمَكَّنَ الْحُكْمُ فِي ذِهْنِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ مُنْكِراً لِلْحُكْمِ، حَاكِماً بِخِلَافِهِ، فَهُوَ إِنْكَارِيٌّ، وَيَجِبُ تَوْكِيْدُهُ بِحَسَبِ الْإِنْكَارِ؛ قُوَّةً وَضَعْفاً، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:

* * *

١٦ - وَوَاجِبٌ بِحَسَبِ الْإِنْكَارِ ... وَيَحْسُنُ التَّبْدِيْلُ بِالْأَغْيَار

وَوَاجِبٌ بِحَسَبِ الْإِنْكَارِ: فَكُلَّمَا ازْدَادَ الْمُخَاطَبُ فِي الْإِنْكَارِ زِيْدَ فِي التَّأْكِيْدِ (١)، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ رُسُلِ عِيْسَى (٢) عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، إِذْ كُذِّبُوا:

- فِي الْمَرَّةِ الْأُوْلَى: {إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} [يس: ١٤]، مُؤَكِّداً بِـ (إِنَّ، وَاسْمِيَّةِ الْجُمْلَةِ).

- وَفِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ: {رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} [يس: ١٦] مُؤَكِّداً


(١) رُوي خبرُ الكنديّ وأبي العبّاس في الدّلائل ص ٣١٥، ومفادُه أنّ: الكِنْديَّ المتفلسِفَ رَكِبَ إلى أبي العبّاس، وقال له: إني لأَجِدُ في كلامِ العرب حَشْواً! فقال له أبو العبّاس: في أيِّ موضعِ وجدتَ ذلك؟ فقال: أَجِدُ العربَ يقولون: «عبدُ الله قائمٌ»، ثُمّ يقولون: «إنَّ عبد الله قائمٌ»، ثمّ يقولونَ: «إنّ عبد اللهَ لقائمٌ». فالألفاظ متكرِّرةٌ، والمعنى واحدٌ. فقال أبو العبّاس: بل المعاني مختلِفةٌ لاختلافِ الألفاظِ فقولُهم: «عبدُ الله قائمٌ» إخبارٌ عن قيامه وقولُهم: «إنَّ عبد الله قائمٌ» جوابٌ عن سؤالِ سائلٍ. وقولُهم: «إنَّ عبدَ الله لقائمٌ» جوابٌ عن إنكارِ منكِرٍ قيامَه؛ فقد تكرَّرتِ الألفاظُ لتكرُّرِ المعاني قال: فما أَحَارَ المتفلسفُ جواباً. وكذا في مفتاح العلوم ص ٢٥٩، والإيضاح ١/ ٧١، والجنى الدّاني ص ١٣١.
(٢) انظر: تفسير الجلالين ص ٤٤١.

<<  <   >  >>