للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورُبَّما توقَّفَ في أثناء كلامه عندَ شرحِ سابقِه مُحِبّ الدِّين الحمويّ، وكانَ أبانَ في خُطبتِه أنَّ سببَ تأليفِه كتابَ الدُّرَر هو التَّعرُّضُ لبعضِ مواضعَ قصَّر الحمويُّ فيها، فيوردُ قولَه مسبوقاً بـ «قال الشَّارح»، ثُمَّ يقفُ عند هذا القولِ، معترِضاً غالباً، على ما سيأتي.

والمنظومةُ - لفَرْطِ وجازتِها - غزيرةُ المادّة، عاريةٌ عن الأمثلةِ، لا تشيرُ إلى المذاهب والأقوال المختلفة، فالتزمَ العمريُّ أنْ يوضِّحَ ذلك كلَّه غايةَ الإيضاحِ، فذكَر لكلِّ مسألةٍ أمثلةً بلاغيّة كافيةً، وبسَطَ أقوالَ العُلماء ومذاهبَهم وما اختلفُوا فيه، مُرجِّحاً بينها أحياناً.

• طريقة العمريّ في تناوُل مصادرِه:

العمريُّ في أثناءِ شَرْحِه لمضمون المتن لم يكنْ يُرسلُ كلامَه غُفْلاً في كُلِّ ما يقولُ، بل استعانَ بطائفةٍ من المصادرِ كانَتْ زادَهُ في إيضاح مكنونِ كلام النَّاظم، والتَّمثيل لغرضِه، وهذهِ المصادرُ كانت أيضاً تُكَأَةً له في تضعيفِ بعضِ الآراءِ ورَدِّها، وإلى ذلك هي عُمدتُه في بَسْطِ المذاهب والأقوال، واختيارات العلماء.

وليسَ هذا محلَّ عَرْضِها، والَّذي يعنينا ههنا التَّوقُّفُ عندَ بعضِ الجوانبِ الّتي تتَّصِلُ بطريقةِ تناوُلِه لمصادرِه، وكيفيَّةِ أَخذِهِ عنها:

فمن ذلك أنَّه كثيرُ الإغفال لِما ينقُلُه، وهو - وإنْ صرَّحَ بنقْلِه عن هذا الكتابِ أو ذاك - ضَنينٌ؛ فإنَّ ما أخذَهُ عن هذه الكُتُبِ نفسِها من غيرِ تصريحٍ أضعافُ ما نصَّ عليه، وسيأتي بيانُه عند دراسةِ مصادرِه.

فمن ذلك أنّه لم يكنْ يُصرِّح أحياناً بأسماء مَن نقلَ عنهم، واكتفى في أثناء ذلك بإشاراتٍ لا تخلو من إبهامٍ، فنقلَ عمَّن سمَّاهُم: «بعضُ المحشِّين على المختصَر»، و «كما ذهَبَ إليه بعضهم»، واستخدمَ أفعالاً مِن نحو: «قيل»، و «أُجيبَ»، وسوى ذلك مِمَّا يقفُ عليه القارئُ في الشَّرح.

<<  <   >  >>