للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَعَنْ أَبِيْهَا -: (مَا رَأَيْتُ مِنْهُ وَلَا رَأَى مِنِّيْ) (١) أَيِ: الْعَوْرَةَ.

أَوْ لِنُكْتَةٍ أُخْرَى؛ كَإِخْفَائِهِ (٢)، أَوِ التَّمَكُّنِ مِنْ إِنْكَارِهِ إِنْ مَسَّتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ (٣)، أَوْ تَعَيُّنِهِ (٤)، [أَوِ ادِّعَاءِ تَعَيُّنِهِ] (٥)، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا} [الكهف: ٢] أَيْ: لِيُنْذِرَ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا، فَحُذِفَ لِتَعَيُّنِهِ، وَلِأَنَّ الْغَرَضَ هُوَ ذِكْرُ الْمُنْذَرِ بِهِ (٦).

* * *

٥٠ - وَقَدِّمِ الْمَفْعُوْلَ أَوْ شَبِيْهَهُ ... رَدّاً عَلَى مَنْ لَمْ يُصِبْ تَعْيِيْنَهُ

وَقَدِّمِ الْمَفْعُوْلَ: عَلَى الْفِعْلِ


(١) هذه الرّواية مشتهرة عند أهل العربيّة والمعاني؛ فهي في الكشّاف ٢/ ٤٣٣، والمفتاح ص ٣٣٥، وأوضح المسالك ٢/ ١٨٤. وفي كتب الحديث لم أعثر على هذا الأثر إلّا وقد ذُكر المفعول؛ إمّا مُظهراً بصريح لفظه: «فرج، عورة»، وإمّا مضمراً: «ولا رأيته .. ولا رآه».
(٢) كقولك: (أعطيتُ زيداً)؛ فلا يُدرى ما أعطيتَه سيفاً أم مالاً أم عِلماً؛ قصداً للإبهام على السَّامع.
(٣) كأن يُذكَرَ في المجلسِ رجلٌ من ذوي السُّلطان، وهو يؤذي النَّاسَ ويضرُّهم، فتقولُ: (قاتَلَ الله) وأنت تريدُه، ولكنّك حذفْتَ المفعولَ؛ ليكون بوُسعِك الإنكارُ إذا اتُّهِمتَ بالدُّعاء عليه، وتقول: (ما قصدته هو).
(٤) كقولك: (نحمدُ ونشكرُ)؛ لأنَّ المفعولَ المرادَ معلومٌ مُتعيِّنٌ لكلِّ سامع أنَّه الله تعالى، وكقولِك: (شربَتِ الدّابةُ) ومعلوم أنَّه الماء.
(٥) ليس في صل، د. ومثالُه: (تمرُّ وتزورُ) أي تمرُّ دارَ فلانٍ وتزورُه، حَذفَ المتكلِّمُ المفعولَ؛ لادِّعاء تعيُّنِه وأنَّه مُستحقُّ الزّيارةِ الأوحدُ في البلد. وهذا النّوع من الحذف يناسبُ مقامَ المبالغة في التّعظيم أو التّحقير.
(٦) ومِن لطائف حذف المفعول به إشعارُ المخاطبِ بصونِ هذا المفعول عن لسانك؛ لسُموِّ منزلتِه؛ مثل: (نخشى ونتَّقي) تريد اللهَ سبحانه، أو صونِ لسانِك عنه لانحطاط منزلتِه؛ مثل: (لعنَ الله وطَردَ) تريدُ إبليسَ لعنَه الله.

<<  <   >  >>