للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَقُوْلُ: إِنَّ قَوْلَهُ: (وَانْقِسَامُهُ إِلَى الْحَقِيْقِيِّ وَالْإِضَافِيِّ .... إِلَى آخِرِهِ) رَدٌّ لِمَا يُقَالُ: إِنَّ تَخْصِيْصَ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ أَمْرٌ مِنَ الْأُمُوْرِ الْإِضَافِيَّةِ، فَتَقْسِيْمُهُ إِلَى الْحَقِيْقِيِّ وَالْإِضَافِيِّ تَقْسِيْمُ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ.

كَذَا: أَيْ إِنَّ الْإِضَافِيَّ نَوْعَانِ، كَمَا أَنَّ الْحَقِيْقِيَّ نَوْعَانِ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى نَوْعَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ:

* * *

٥٣ - فَقَصْرُ صِفَةٍ عَلَى الْمَوْصُوْفِ ... وَعَكْسُهُ مِنْ نَوْعِهِ الْمَعْرُوْف

فَقَصْرُ صِفَةٍ عَلَى الْمَوْصُوْفِ: وَهُوَ أَلَّا تَتَجَاوَزَ الصِّفَةُ ذَلِكَ الْمَوْصُوْفَ إِلَى مَوْصُوْفٍ آخَرَ (١)، لَكِنْ يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ لِذَلِكَ الْمَوْصُوْفِ صِفَاتٌ أُخَرُ (٢).

وَالْمُرَادُ بِالصِّفَةِ هُنَا: الصِّفَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ؛ أَيِ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالْغَيْرِ؛ كَالْقِيَامِ وَالْقُعُوْدِ وَنَحْوِهِمَا، لَا النَّعْتُ النَّحْوِيُّ؛ أَعْنِي التَّابِعَ الَّذِيْ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى فِيْ مَتْبُوْعِهِ غَيْرِ الشُّمُوْلِ.

وَبَيْنَهُمَا (٣) عُمُوْمٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِتَصَادُقِهِمَا فِي مِثْلِ: (أَعْجَبَنِيْ هَذَا الْعِلْمُ)


(١) مثالُه من الحقيقيّ حقيقةً: (لا إلهَ إلّا الله) قُصِرَت الصِّفة (الأُلوهيّة) على الموصوف (الله تعالى) حقيقةً، ومن الحقيقيّ ادِّعاءً: (ما عادلٌ إلّا عُمَر) قُصِرَت الصِّفة (العدل) على الموصوف (عُمر) ادِّعاءً؛ لأنّه في الحقيقة يوجدُ غيرُه كثيرٌ من العادلين، ولكنّك بهذا القصر - لغرضِ المدح - ادَّعيتَ أن عدالةَ غيرِه لا يُعتدُّ بوجوده وكأنّها في حُكم المعدومة. ومثالُه من الإضافيّ: (ما شاعرٌ إلّا أبو تمّام) أي: لا البحتريّ، مثلاً.
(٢) مثلاً: (ما شاعرٌ إلّا المتنبّي) يعني أنّ صفةَ الشِّعر مقصورةٌ عليه، ولكن لا يعني بالضَّرورة أنَّه مقصورٌ على صفةِ الشِّعريّة لا يُفارِقُها، فهو إنسانٌ، وأبٌ، وزوجٌ، وعاقلٌ، و ...
(٣) يعني: بين النَّعت النّحويّ والصِّفة المعنويّة.

<<  <   >  >>