للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوْ شَبِيْهَهُ: أَيْ أَوْ شَبِيْهَ الْمَفْعُوْلِ؛ مِنَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُوْرِ، وَالظَّرْفِ، وَالْحَالِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ

رَدّاً: أَيْ لِأَجْلِ الرَّدِّ

عَلَى مَنْ: أَيِ الَّذِيْ

لَمْ يُصِبْ تَعْيِيْنَهُ: أَيْ تَعْيِيْنَ الْمَفْعُوْلِ.

- كَقَوْلِكَ: (زَيْداً عَرَفْتُ) لِمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّكَ عَرَفْتَ إِنْسَاناً، وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ غَيْرُ زَيْدٍ، وَأَصَابَ فِي الْأَوَّلِ دُوْنَ الثَّانِي. وَلِهَذَا تَقُوْلُ لِتَأْكِيْدِ هَذَا الرَّدِّ: (زَيْداً عَرَفْتُ لَا غَيْرَهُ).

- وَقَدْ يَكُوْنُ لِرَدِّ الْخَطَأِ فِي الِاشْتِرَاكِ؛ كَقَوْلِكَ: (زَيْداً عَرَفْتُ) لِمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّكَ عَرَفْتَ زَيْداً وَعَمْراً، وَتَقُوْلُ لِتَأْكِيْدِهِ: (زَيْداً عَرَفْتُ وَحْدَهُ) (١).

· وَاعْلَمْ أَنَّ تَقْدِيْمَ الْمَفْعُوْلِ وَنَحْوِهِ يَلْزَمُهُ التَّخْصِيْصُ غَالِباً؛ أَيْ لَا يَنْفَكُّ عَنْ تَقْدِيْمِ الْمَفْعُوْلِ وَنَحْوِهِ فِيْ أَكْثَرِ الصُّوَرِ بِشَهَادَةِ الِاسْتِقْرَاءِ وَحُكْمِ الذَّوْقِ. وَلِهَذَا يُقَالُ فِيْ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥]: مَعْنَاهُ: نَخُصُّكَ بِالْعِبَادَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِمَعْنَى: نَجْعَلُكَ مِنْ بَيْنِ الْمَوْجُوْدَاتِ مَخْصُوْصاً بِذَلِكَ؛ لَا نَعْبُدُ وَلَا نَسْتَعِيْنُ غَيْرَكَ. (٢)


(١) تُنظَرُ هذه المسألةُ في باب (القَصْر)؛ قصر القلب، والإفراد، والتّعيين.
(٢) ولتقديم المفعول ونحوه على الفعل دواعٍ أُخَرُ، منها:
مجرّد الاهتمام بأمر المقدَّم؛ نحو: (الحقَّ أقولُ).
المسارعة في:
التَّبرُّك: (اللهَ نسألُه التَّوفيق).
التّلَذُّذ: (أمّي زرتُ).
المسرّة: (خيراً لقيتَ).
المساءة: (شرّاً أوقعوا بولدِك).
كونُ المعمول محطَّ إنكارٍ: كقول أبي ذُؤَيب الهُذَلِيّ: [الكامل]
أَمِنَ المَنُونِ وَرَيْبِهَا تَتَوَجَّعُ ... وَالدَّهْرُ ليسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ

قدّم الهذليّ الجارَّ والمجرور «من المنون» - وهما معمول الفعل تتوجّع - لكونهما محطَّ إنكارٍ وتعجُّب.

مجاراةُ كلام السّامع: كأنْ تقولَ: «زيداً رأيتُ» في إجابة مَن سألك: «مَن رأيتَ؟ ». قدَّمتَ المفعولَ؛ ليوافقَ مقابلَه في السُّؤال: «مَن» الاستفهاميّة.
الحفاظ على وزن الشِّعر: كقوله: [الطّويل]
سَريعٌ إلى ابْنِ العَمِّ يَلْطِمُ وَجْهَهُ ... ولَيْسَ إلى داعي النَّدَى بِسَريع

أي: ليس بسريعٍ إلى داعي النَّدى. ولكنْ قدِّم الجارُّ والمجرور «إلى داعي» على متعلَّقه «سريع» للمحافظة على وزن الشِّعر.
لرعاية الفاصلة في النّثر: كقوله: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} [الحاقّة: ٣٠ - ٣٢]. انظر: المطوّل ص ٣٧٥ - ٣٧٦، والمفصَّل في علوم البلاغة ص ٢٢٠ - ٢٢٢.

<<  <   >  >>