للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَجُوْزُ أَنْ يُرَادَ بِالْعِلْمِ نَفْسُ الْأُصُوْلِ وَالْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّهُ كَثِيْراً مَّا يُطْلَقُ عَلَيْهَا، وَيَجُوْزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْإِدْرَاكُ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ السَّيِّدُ (١) فِي حَاشِيَةِ الْمُطَوَّلِ (٢).

قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ فِي الْمُطَوَّلِ (٣): «وَمَعْنَى مُطَابَقَةِ الْكَلَامِ لِمُقْتَضَى الْحَالِ: أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِيْ يُوْرِدُهُ الْمُتَكَلِّمُ يَكُوْنُ مِنْ جُزْئِيَّاتِ ذَلِكَ الْكَلَامِ، وَيَصْدُقُ هُوَ عَلَيْهِ صِدْقَ الْكُلِّيِّ عَلَى الْجُزْئِيِّ. مَثَلاً: يَصْدُقُ عَلَى (إِنَّ زَيْداً قَائِمٌ) أَنَّهُ كَلَامٌ مُؤَكَّدٌ، وَعَلَى (زَيْدٌ قَائِمٌ) أَنَّهُ كَلَامٌ ذُكِرَ فِيْهِ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ، وَعَلَى قَوْلِنَا: [الهِلَالُ وَاللهِ] أَنَّهُ كَلَامٌ حُذِفَ فِيْهِ الْمُسنَدُ إِلَيْهِ (٤). وَظَاهِرٌ أَنَّ تِلْكَ الْأَحْوَالَ هِيَ الَّتِيْ بِهَا يَتَحَقَّقُ مُطَابَقَةُ هَذَا الْكَلَامِ لِمَا هُوَ مُقْتَضَى الْحَالِ فِي التَّحْقِيْقِ، فَافْهَمْ» اِنْتَهَى.

وَإِنَّمَا قَدَّمَ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ عِلْمَ الْمَعَانِيْ عَلَى الْبَيَانِ؛ لِكَوْنِهِ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُفْرَدِ مِنَ الْمُرَكَّبِ؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ: عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ إِيْرَادُ الْمَعْنَى الْوَاحِدِ فِيْ تَرَاكِيْبَ مُخْتَلِفَةٍ بَعْدَ رِعَايَةِ الْمُطَابَقَةِ لِمُقْتَضَى الْحَالِ؛ فَفِيْهِ زِيَادَةُ اعْتِبَارٍ لَيْسَتْ فِيْ عِلْمِ الْمَعَانِيْ، وَالْمُفْرَدُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُرَكَّبِ طَبْعاً، فَقُدِّمَ وَضْعاً أَيْضاً.

مُنْحَصِرُ الْأَبْوَابِ: مِنْ إِضَافَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ إِلَى فَاعِلِهِ


(١) الشَّريف الجرجانيّ، ت ٨١٦ هـ. انظر: الأعلام ٥/ ٧.
(٢) بقوله: «إذا أُرِيدَ بالعِلم الملَكةُ أو نفسُ القواعد؛ لم يُحتَج إلى تقدير مُتعلّق العلم، لكنْ إنْ أُريد به الإدراكُ فلا بدَّ من تقديره، أي: علم بقواعدَ وأصولٍ، والتَّفصيلُ أنّ المعنى الحقيقيَّ لِلَفْظِ العلمِ هو الإدراكُ ... » انظر: المطوّل بهامش ص ٣٤ (طبعة خادم العلم السّني).
(٣) ص ١٦٨.
(٤) أي: «هذا الهلالُ»، وأغنى عن قوله: (هذا)، القصدُ والإشارة. انظر: سيبويه ١/ ١٣٨، والمقتضب ٤/ ١٢٩، والكامل ٢/ ٦١٦، والأصول ١/ ٦٨، والمفصّل في صنعة الإعراب ص ٤٤.

<<  <   >  >>