للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُلَابِسٍ لَهُ غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ بِتَأَوُّلٍ (١)، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَإِنْ إِلَى غَيْرٍ: أَيْ وَإِنْ أُسْنَدَ الْفِعْلُ أَوْ مَعْنَاهُ إِلَى غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ، أَيْ غَيْرِ الْفَاعِلِ فِيْمَا بُنِيَ لِلْفَاعِلِ، وَغَيْرِ الْمَفْعُوْلِ فِيْمَا بُنِيَ لِلْمَفْعُوْلِ:

- كَقَوْلِهِمْ: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: ٢١] فِيْمَا بُنِيَ لِلْفَاعِلِ وَأُسْنِدَ إِلَى الْمَفْعُوْلِ/ بِهِ؛ إِذِ الْعِيْشَةُ مَرْضِيَّةٌ.

- وَ (سَيْلٌ مُفْعَمٌ) فِيْمَا [بُنِيَ] (٢) لِلْمَفْعُوْلِ وَأُسْنِدَ إِلَى الْفَاعِلِ؛ لِأَنَّ الْمُفْعَمَ اسْمُ مَفْعُوْلٍ، وَقَدْ أُسْنِدَ إِلَى الْفَاعِلِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

مُلَابِسٍ: لِلْفِعْلِ أَوْ مَعْنَاهُ بِوَجْهٍ؛ كَأَنْ يَكُوْنَ:

- زَمَاناً لِذَلِكَ الْغَيْرِ؛ نَحْوُ: (نَهَارُهُ صَائِمٌ).

- أَوْ مَكَاناً؛ نَحْوُ: (نَهْرٌ جَارٍ).

- أَوْ سَبَباً لَهُ؛ نَحْوُ: (بَنَى الْأَمِيْرُ الْمَدِيْنَةَ) (٣).

بِخِلَافِ إِسْنَادِهِ إِلَى أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ، غَيْرِ مُلَابِسٍ لَهُ؛ فَإِسْنَادُهُ إِلَى الغَيْرِ الْمُلَابِسِ.


(١) الجمهور على وقوع المجاز، وأنكَرَه نفرٌ بحُجَّة أنّه أخو الكذب، وكلامُ الله والرّسول منزَّه عنه. انظر: مقدّمة الإشارة إلى الإيجاز في بعض أنواع المجاز ص ٤٩ - ٥٤. والبعضُ منَعَه في القرآن الكريم والحديث الشّريف دون غيرهما. انظر: مَنع جواز المجاز في المُنزَل للتّعبُّد والإعجاز ص ٥ وما بعدها.
(٢) من ب.
(٣) وقد تنبّه سيبويه على المجاز العقليّ في كلام العرب، ومثَّل له؛ كقوله تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [سبأ: ٣٣]، وأجراه على سَعة الكلام والاتّساع. انظر: سيبويه ١/ ١٧٦. ثمّ أتى الجرجانيّ بالمصطلح. وكان العلويُّ ذهب إلى أنّ عبد القاهر هو مُستخرِج هذا النَّوع، والعلماءُ عالة عليه في الطِّراز ٣/ ١٤٣، وتابَعه د. طه حسين بقوله: «أمّا المجاز العقليّ فهو من ابتكار عبد القاهر». انظر: البيان العربيّ من الجاحظ إلى عبد القاهر- مقدّمة نقد النّثر ص ٢٩.

<<  <   >  >>