الثَّانِيْ، وَهَذَا يُسَمَّى: قَصْرَ قَلْبٍ؛ لِقَلْبِهِ حُكْمَ السَّامِعِ.
= وَإِمَّا مَنْ تَسَاوَى عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ: أَيِ اتِّصَافُ ذَلِكِ الْأَمْرِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَاتِّصَافُهُ بِغَيْرِهَا فِي الْأَوَّلِ، وَاتِّصَافُهُ بِهَا وَاتِّصَافُ غَيْرِهِ بِهَا فِي الثَّانِي، وَهَذَا يُسَمَّى: قَصْرَ تَعْيِيْنٍ.
فَالْمُخَاطَبُ بِقَوْلِنَا: (مَا زَيْدُ إِلَّا قَائِمٌ) مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ زَيْداً قَاعِدٌ لَا قَائِمٌ، أَوْ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَائِمٌ أَوْ قَاعِدٌ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ بِمَاذَا يَتَّصِفُ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ؟
= وَبِقَوْلِنَا: (مَا قَائِمٌ إِلَّا زَيْدٌ) مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ عَمْراً قَائِمٌ لَا زَيْداً، أَوْ يَعْلَمُ أَنَّ الْقَائِمَ أَحَدُهُمَا، دُوْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لَكِنْ لَا يَعْلَمُ مَنْ هُوَ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ.
وَشَرْطُ قَصْرِ الْمَوْصُوْفِ عَلَى الصِّفَةِ:
- إِفْرَاداً: عَدَمُ تَنَافِي الْوَصْفَيْنِ.
- وَقَلْباً: تَنَافِيْهِمَا.
- وَالتَّعْيِيْنُ: أَعَمُّ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَ كَوْنِ الشَّيْءِ مَوْصُوْفاً بِأَحَدِ أَمْريْنِ مُعَيَّنَيْنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا يَقْتَضِيْ جَوَازَ اتَّصَافِهِ بِهِمَا مَعاً، وَلَا امْتِنَاعَهُ.
وَبِهَذَا عُلِمَ: أَنَّ كُلَّ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُوْنَ مِثَالاً لِقَصْرِ الْإِفْرَادِ أَوْ قَصْرِ الْقَلْبِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُوْنَ مِثَالاً لِقَصْرِ التَّعْيِيْنِ، مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ - أَعْنِيْ قَصْرَ الْإِفْرَادِ، وَالْقَلْبِ، وَالتَّعْيِيْنِ - لَا تَجْرِيْ فِي الْحَقِيْقِيِّ؛ إِذِ الْعَاقِلُ لَا يَعْتَقِدُ اتِّصَافَ أَمْرٍ بِجَمِيْعِ الصِّفَاتِ، وَلَا اتِّصَافَهُ بِجَمِيْعِ الصِّفَاتِ غَيْرَ وَاحِدَةٍ، وَلَا يُرَدِّدُهُ أَيْضاً بَيْنَ ذَلِكَ، وَكَذَا اشْتِرَاكُ صِفَةٍ بَيْنَ جَمِيْعِ الْأُمُوْرِ. وَاللهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
ثُمَّ لِلْقَصْرِ طُرُقٌ كَثِيْرَةٌ، وَالْمَذْكُوْرُ مِنْهَا فِيْ هَذَا الْبَابِ أَرْبَعَةٌ، أَشَارَ إِلَيْهَا النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute