للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَلْ: أَيْ وَقَدْ يُتَمَنَّى بِـ (هَلْ)؛ نَحْوُ: (هَلْ لِيْ مِنْ شَفِيْعٍ! ) حَيْثُ يَعْلَمُ أَنْ لَا شَفِيْعَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حِيْنَئِذٍ يَمْتَنِعُ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيْقَةِ الِاسْتِفْهَامِ؛ لِحُصُوْلِ الْجَزْمِ بِانْتِفَائِهِ (١).

وَالنُّكْتَةُ فِي التَّمَنِّيْ بِـ (هَلْ) وَالْعُدُوْلِ عَنْ (لَيْتَ): هُوَ إِبْرَازُ الْمُتَمَنَّى - لِكَمَالِ الْعِنَايَةِ بِهِ - فِيْ صُوْرَةِ الْمُمْكِنِ الَّذِيْ لَا جَزْمَ بِانْتِفَائِهِ (٢).

مِثْلُ لَعَلَّ: أَيْ مِثْلُ مَا يُتَمَنَّى بِـ (لَعَلَّ)

الدَّاخِلَهْ فِيْهِ: أَيْ فِيْ حُكْمِ التَّمَنِّيْ؛ فَيُعْطَى حُكْمَ (لَيْتَ)، وَيُنْصَبُ فِيْ جَوَابِهِ الْمُضَارِعُ عَلَى إِضْمَارِ (أَنْ)؛ نَحْوُ: (لَعَلِّيْ أَحُجُّ فَأَزُوْرَكَ) بِالنَّصْبِ؛ لِبُعْدِ الْمَرْجُوِّ عَنِ الْحُصُوْلِ، وَبِذَلِكَ أَشْبَهَ الْمُحَالَاتِ وَالْمُمْكِنَاتِ الَّتِيْ لَا طَمَاعِيَةَ فِيْ وُقُوْعِهَا، فَيَتَوَلَّدُ مِنْهُ مَعْنَى التَّمَنِّيْ (٣).


(١) الأدوات: (لو، هل، لعلّ) قد تُخرَجُ عن معانيها الأصليّة وتُستعمَلُ للدّلالة على التَّمنّي، والضَّابطُ في ذلك أن نلحظَ أنَّها مُستعملة في شيءٍ بعيدِ الحصولِ أو مستحيلِ الوقوع.
(٢) وينتصبُ المضارعُ بعدَها كما في «ليت»؛ كقولِه تعالى: (فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا) [الأعراف: ٥٣].
(٣) كقولِه تعالى حكايةً عن فرعون: (قَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى) [غافر: ٣٦ - ٣٧]، لم تُحمَل «لعلّ» على أصلِها الذي هو التّرجّي؛ لاستحالةِ حصولِ المطلوب (بلوغ الأسباب)، وكان مُقتضى الظّاهر استعمالُ أداة التَّمنّي الأصليّة «ليت»، لكنّه عُدِل عن ذلك إلى «لعلَّ» التي تُفيدُ إمكان حصول المطلوب؛ لغرض بلاغيٍّ: هو إبرازُ المتمنَّى البعيد الحصول في صورةِ القريبِ المترقَّب الحصول؛ دلالةً على كمال العناية به والتّشوّق إليه أو القدرة عليه. وبالإمكان أنْ تُستعمَل «ليت» في التّرجّي؛ لإبراز المتمنّى الممكن في صورة المستحيل أو البعيد الحصولِ للمبالغة في تصوير صعوبة نيله؛ كأن يُقال: (ليت الله يشفيني من هذا المرض! ).

<<  <   >  >>