للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيْ وَصْفٍ هُوَ مِنْ أَوْصَافِ شَيْءٍ فِيْ نَفْسِهِ خَاصَّةً؛ كَالشَّجَاعَةِ فِي الْأَسَدِ، وَالنُّوْرِ فِي الشَّمْسِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ زَيْداً وَالْأَسَدَ يَشْتَرِكَانِ فِي كَثِيْرٍ مِنَ الذَّاتِيَّاتِ وَغَيْرِهَا؛ كَالْحَيَوَانِيَّةِ، وَالْجِسْمِيَّةِ، وَالْوُجُوْدِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، مَعَ أَنَّ شَيْئاً مِنْهَا لَيْسَ وَجْهَ الشَّبَهِ.

وَذَلِكَ الِاشْتِرَاكُ يَكُوْنُ تَحْقِيْقاً أَوْ تَخْيِيْلاً:

وَالْمُرَادُ بِالتَّخْيِيْلِ: أَلَّا يُوْجَدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى (فِيْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ) أَوْ (فِيْ كِلَيْهِمَا) إِلَّا عَلَى سَبِيْلِ التَّخْيِيْلِ وَالتَّأْوِيْلِ؛ كَمَا فِيْ قَوْلِ الْقَاضِي التَّنُوْخِيِّ (١): [الخفيف]

وَكَأَنَّ النُّجُوْمَ بَيْنَ دُجَاهُ ... سُنَنٌ لَاحَ بَيْنَهُنَّ ابْتِدَاعُ (٢)

فَإِنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ فِيْهِ: (هُوَ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ حُصُوْلِ أَشْيَاءَ مُشْرِقَةٍ فِيْ جَوَانِبِ شَيْءٍ مُظْلِمٍ أَسْوَدَ)؛ فَهِيَ غَيْرُ مَوْجُوْدَةٍ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ إِلَّا عَلَى طَرِيْقِ التَّخْيِيْلِ (٣).

وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الْبِدْعَةُ وَالضَّلَالَةُ وَكُلُّ مَا هُوَ جَهْلٌ تَجْعَلُ


(١) ت ٣١٨ هـ. انظر: الأعلام ١/ ٩٥.
(٢) له في يتيمة الدّهر ٢/ ٣٩٥، وخاصّ الخاصّ ص ٧٢، والإيضاح ٤/ ٤٤، ونفحات الأزهار ص ٢٦٣، وأنوار الرّبيع ٥/ ٢٠٠، وبلا نسبة في أسرار البلاغة ص ٢٢٥ - ٢٢٨ - ٢٢٩، ونهاية الإيجاز ص ١٠٥، ومفتاح العلوم ص ٤٥١، والبرهان الكاشف ص ١٢٦، والمصباح ص ١٦٣، ونهاية الأرب ٧/ ٣٥، وإيجاز الطّراز ص ٣٢٨، وخزانة الحمويّ ٢/ ٥١٤. دُجاه: مُفْرَدُه دُجْيَةٌ أي ظُلمة، والضَّميرُ يعودُ إلى اللّيل أو الظّلام.
(٣) والمرادُ بوجه الشَّبه التّحقيقيّ هنا: ما يكون قائماً في الطَّرفين حقيقةً، أي: إنّه وصفٌ موجودٌ فيهما وجوداً حقيقيّاً؛ تقول: (وجهُ سَلمى كالبَدْر، وشَعرُها كاللَّيل، وقدُّها كالغُصْن) وواضحٌ أنَّ وجهَ الشّبه بين الطَّرفين؛ هو: الإشراق في الأوّل، والسَّواد في الثّاني، والاعتدال في الثّالث. انظر: المفصَّل في علوم البلاغة ص ٣٦٩.

<<  <   >  >>