للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوْ مُرَكَّبٌ: وَالْمَجَازُ الْمُرَكَّبُ: هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيْمَا شُبِّهَ بِمَعْنَاهُ [الْأَصْلِيِّ] (١) - أَيْ بِالْمَعْنَى الَّذِيْ يَدُلُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ اللَّفْظُ بِالْمُطَابَقَةِ - تَشْبِيْهَ التَّمْثِيْلِ؛ وَهُوَ مَا يَكُوْنُ وَجْهُهُ مُنْتَزَعاً مِنْ مُتَعَدِّدٍ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّشْبِيْهِ؛ كَمَا يُقَالُ لِلْمُفْتِيْ - إِذَا تَرَدَّدَ فِي الْجَوَابِ عَمَّا اسْتُفْتِيَ فِيْهِ؛ فَيَهُمُّ تَارَةً بِأَنْ يُطْلِقَ لِسَانَهُ لِيُجِيْبَ عَنْ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، وَلَا يَهُمُّ تَارَةً أُخْرَى؛ فَيَقْبِضُ-: (إِنِّيْ أَرَاكَ تُقَدِّمُ رِجْلاً وَتُؤَخِّرُ أُخْرَى) (٢).

شُبِّهَ تَرَدُّدُهُ بِصُوْرَةِ مَنْ قَامَ لِيَذْهَبَ؛ فَتَارَةً يُرِيْدُ الذَّهَابَ فَيُقَدِّمُ رِجْلاً، وَتَارَةً لَا يُرِيْدُ فَيُؤَخِّرُ أُخْرَى. فَاسْتُعْمِلَ فِي الصُّوْرَةِ الْأُوْلَى الْكَلَامُ الدَّالُّ بِالْمُطَابَقَةِ عَلَى الصُّوْرَةِ الثَّانِيَةِ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ - وَهُوَ الْإِقْدَامُ تَارَةً وَالْإِحْجَامُ أُخْرَى - مُنْتَزَعٌ مِنْ عِدَّةِ أُمُوْرٍ، كَمَا تَرَى.

وَهَذَا الْمَجَازُ الْمُرَكَّبُ يُسَمَّى التَّمْثِيْلَ؛ لِكَوْنِ وَجْهِهِ مُنْتَزَعاً مِنْ مُتَعَدِّدٍ، عَلَى سَبِيْلِ الِاسْتِعَارَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِيْهِ الْمُشَبَّهُ بِهِ وَأُرِيْدَ الْمُشَبَّهُ (٣)، كَمَا هُوَ شَأْنُ الِاسْتِعَارَةِ (٤).

وَتَارَهْ يَكُوْنُ: أَيِ الْمَجَازُ

مُرْسَلاً: وَهُوَ مَا كَانَتِ الْعَلَاقَةُ فِيْهِ غَيْرَ الْمُشَابَهَةِ بَيْنَ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ وَالْحَقِيْقِيِّ، كَالْيَدِ


(١) ليس في صل.
(٢) القول من كتاب يزيد بن الوليد لمروان بن محمّد؛ لِتَلَكُّئه في المبايعة: «بسم الله الرّحمن الرّحيم، من عبد الله أمير المؤمنين يزيد بن الوليد إلى مروان بن محمّد. أمّا بعدُ: فإنّي أراك تقدِّمُ رِجلاً وتؤخِّر أخرى، فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيِّهما شئتَ. والسَّلام» البيان والتَّبيين ١/ ٣٠٢.
(٣) وتُرِكَ ذِكْرُ المشبَّه بالكُلّيّة.
(٤) وثمّة نوعٌ آخرُ يُسمّى المجاز، وهو المجاز الإعرابيّ بالحذف والزّيادة، وسيشيرُ إليه العمريّ رحمه الله قبل البدء بمبحث الكناية. وللاستزادة يُنظَر: معجم المصطلحات البلاغيّة وتطوّرها ص ٥٩٨.

<<  <   >  >>