للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَـ (صِبْغَةَ اللهِ) مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِـ (آمَنَّا بِاللهِ) أَيْ: تَطْهِيْرَ اللهِ؛ لِأَنَّ الْإِيْمَانَ يُطَهِّرُ النُّفُوْسَ.

وَالْأَصْلُ فِيْهِ أَنَّ النَّصَارَى كَانُوْا يَغْمِسُوْنَ أَوْلَادَهُمْ فِيْ مَاءٍ أَصْفَرَ، يُسَمُّوْنَهُ الْمَعْمُوْدِيَّةَ، وَيَقُوْلُوْنَ: إِنَّهُ تَطْهِيْرٌ لَهُمْ. فَعُبِّرَ عَنِ الْإِيْمَانِ بِاللهِ بِـ (صِبْغَةِ اللهِ) لِلْمُشَاكَلَةِ؛ لِوُقُوْعِهِ فِيْ صُحْبَةِ صِبْغَةِ النَّصَارَى؛ تَقْدِيْراً، بِهَذِهِ الْقَرِيْنَةِ الْحَالِيَّةِ، الَّتِيْ هِيَ سَبَبُ النُّزُوْلِ فِيْ غَمْسِ النَّصَارَى أَوْلَادَهُمْ فِي الْمَاءِ الْأَصْفَرِ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ لَفْظاً (١).

وَمِنْهَا (٢) (الْمُزَاوَجَةُ): وَهِيَ أَنْ يُزَاوَجَ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ فِي الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ؛ كَقَوْلِهِ: [الطّويل]

إِذَا مَا نَهَى النَّاهِيْ، فَلَجَّ بِيَ الْهَوَى ... أَصَاخَتْ إِلَى الْوَاشِيْ، فَلَجَّ بِهَا الْهَجْرُ (٣)

زَاوَجَ بَيْنَ (نَهْيِ النَّاهِيْ) وَ (إِصَاخَتِهَا إِلَى الْوَاشِيْ)، فِي الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ؛ بِأَنْ رَتَّبَ عَلَيْهِمَا لِجَاجَ شَيْءٍ. (٤)

وَمِنْهَا (الْمُبَالَغَةُ) (٥): وَهِيَ أَنْ يُدَّعَى لِوَصْفٍ بُلُوْغُهُ فِي الشِّدَّةِ أَوِ


(١) انظر: الكشّاف ١/ ٣٣٥، والتَّحرير والتَّنوير ١/ ٧٤٤.
(٢) أي: ومن المحسِّنات المعنويّة.
(٣) للبحتريّ في ديوانه ٢/ ٨٤٤، والموازنة ق ١ ج ٢ ص ٣٦، ودلائل الإعجاز ص ٩٣، ونهاية الإيجاز ص ١٧١، والبرهان الكاشف ص ٢١١، والإيضاح ٦/ ٣٤، وشرح الكافية البديعيّة ص ٣٠٧، وخزانة الحمويّ ٤/ ٣٢٤، ومعاهد التّنصيص ٢/ ٢٥٥، ونفحات الأزهار ص ١٤٠، وأنوار الرّبيع ٦/ ١٠١، وبلا نسبة في مفتاح العلوم ص ٥٣٤، والمصباح ص ١٩٥، وإيجاز الطّراز ص ٤٢٧، ومعترك الأقران ١/ ٤١٢. يعني: إذا نهاني النَّاهي ومَنَعَني عن حبِّها لجَّ بي الهوى، صارت هي تستمع إلى الواشي وتُصدِّقُ افتراءاتِه عَلَيَّ فلجَّ بها الهجرُ.
(٤) انظر: معجم المصطلحات البلاغيّة ص ٣٠٩، والتَّلخيص ٩٧، والمطوَّل ص ٦٤٩.
(٥) انظر: معجم المصطلحات البلاغيّة ص ٥٨٢، والتّلخيص ١٠٢، والمطوَّل ٦٦٥.

<<  <   >  >>