للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالتَّبْلِيْغُ وَالْإِغْرَاقُ مَقْبُوْلَانِ.

٣ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً عَقْلاً وَلَا عَادَةً: فَغُلُوٌّ؛ كَقَوْلِهِ: [الكامل]

/وَأَخَفْتَ أَهْلَ الشِّرْكِ حَتَّى إِنَّهُ ... لَتَخَافُكَ النُّطَفُ الَّتِي لَمْ تُخْلَقِ (١)

فَإِنَّ خَوْفَ النُّطَفِ غَيْرِ الْمَخْلُوْقَةِ مُمْتَنِعٌ عَقْلاً وَعَادَةً.

وَالْمَقْبُوْلُ مِنَ الْغُلُوِّ أَصْنَافٌ مِنْهَا:

أمَا أُدْخِلَ عَلَيْهِ مَا يُقَرِّبُهُ إِلَى الصِّحَّةِ؛ كَلَفْظِ (يَكَادُ) فِيْ: (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ) [النّور: ٣٥]؛ فَإِنَّ الْإِضَاءَةَ فِي الزَّيْتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَمْسَسْهُ النَّارُ مُمْتَنِعَةٌ عَادَةً وَعَقْلاً، لَكِنْ لَمَّا أُدْخِلَ (يَكَادُ) قرَّبَتْهُ إِلَى الصِّحَّةِ.

ب وَمِنْهَا مَا تَضَمَّنَ نَوْعاً حَسَناً مِنَ التَّخْيِيْلِ؛ كَقَوْلِهِ: [الكامل]

عَقَدَتْ سَنَابِكُهَا عَلَيْهَا عِثْيَراً ... لَوْ تَبْتَغِيْ عَنَقاً عَلَيْهِ لَأَمْكَنَا (٢)

ادَّعَى أَنَّ تَرَاكُمَ الْغُبَارِ الْمُرْتَفِعِ مِنْ سَنَابِكِ الْخَيْلِ فَوْقَ رُؤُوْسِهَا، بِحَيْثُ صَارَ أَرْضاً يُمْكِنُ سَيْرُهَا عَلَيْهَا، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ عَقْلاً وَعَادَةً، لَكِنَّهُ تَخْيِيْلٌ حَسَنٌ.


(١) لأبي نُوَاس في ديوانه ص ٤١٣، وعِيار الشّعر ص ٨١، ونقد الشّعر ص ٦٠، والوساطة ص ٦٢ - ٤٢٨، والموشّح ص ١٠٢ - ٣٠٨ - ٣٢٥ - ٣٣٧ - ٣٥١ - ٣٥٢، والعمدة ٢/ ٦٧٥، والمثل السّائر ٣/ ١٩٢، وكفاية الطّالب ص ٢٠٢، ونهاية الأرب ٧/ ١٠٣، والإيضاح ٦/ ٦٣، وإيجاز الطّراز ص ٤٥٥، وشرح الكافية البديعيّة ص ١٥٥، وخزانة الحمويّ ٣/ ١٥٢، ومعاهد التّنصيص ٣/ ٢٧، ونفحات الأزهار ص ٢٠٣.
(٢) للمتنبّي في ديوانه ٤/ ٢٠٤، والوساطة ص ١٦٦ - ٣٦٠، والمثل السّائر ٣/ ١٩٣، والإيضاح ٦/ ٦٣، وإيجاز الطّراز ص ٤٥٥، وخزانة الحمويّ ٣/ ١٥٠، ونفحات الأزهار ص ٢٠٢، وأنوار الرّبيع ٤/ ٢٣٩. عِثْيَر: غبار، العَنَق: ضرب من السّير شديد. وفي الدّيوان ضُبطت فاء «عَثْيَر» بالفتح، وهو ممتنعٌ، وليس في كلامهم «فَعْيَل» سوى «ضَهْيَد» وهو مصنوع كما زعم الخليل (العين: هملع).

<<  <   >  >>