للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرُّوْمِيِّ (١): [الهزج]

لَئِنْ أَخْطَأْتُ فِيْ مَدْحِكْ ... فَمَا (٢) أَخْطَأْتَ فِيْ مَنْعِيْ

لَقَدْ أَنْزَلْتُ حَاجَاتِيْ ... بِوَادٍ غَيْرِ ذِيْ زَرْعِ (٣)

فَقَوْلُهُ: «بِوَادٍ غَيْرِ ذِيْ زَرْعِ» مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ - تَعَالَى - حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيْمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} (٤) [إبراهيم: ٣٧]، لَكِنْ مَعْنَاهُ فِي الْقُرْآنِ: وَادٍ لَا مَاءَ فِيْهِ وَلَا نَبَات؛ وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ الرُّوْمِيِّ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى إِلَى جَنَابٍ لَا خَيْرَ فِيْه، وَلَا نَفْع.

قَالَ الْقَزْوِيْنِيُّ (٥): «وَلَا بَأْسَ بِتَغْيِيْرٍ يَسِيْرٍ لِلْوَزْنِ، أَوْ غَيْرِهِ؛ كَقَوْلِهِ: [مخلَّع البسيط]

قَدْ كَانَ مَا خِفْتُ أَنْ يَكُوْنَا ... إِنَّا إِلَى اللهِ رَاجِعُوْنَا (٦)

* * *


(١) ت ٢٨٣ هـ. انظر: الأعلام ٤/ ٢٩٧.
(٢) صل: (ما)، وهو تصحيف يخلّ بالوزن، إلّا إنْ كانَ أرادَ رواية الإيضاح ٦/ ١٣٩:
لئن أخطأتُ في مدحيْـ ... ـكَ ما أخطأتَ في منعي
على أنّ محقّق الإيضاح حرّف، فرواه: لئن أخطأتُ في مديْحـ ... ـكَ ما أخطأتَ في منعي. وبهذا لا يستقيم الهزَج.
(٣) له في ديوانه ٤/ ١٥٥٣، والإيضاح ٦/ ١٣٩، وإيجاز الطّراز ص ٤٩٩، ومعاهد التّنصيص ٤/ ٣٧، وخزانة الحمويّ ٤/ ٣٥٩، وأنوار الرّبيع ٢/ ٢١٩.
(٤) صل، ب، د: ربّي مكان ربّنا.
(٥) انظر: التّلخيص ص ١٢١.
(٦) لأبي تمّام يرثي ابناً له في ديوانه ٤/ ٦٧٧ وللأستاذ محمّد عبده عزام تعليق مسهَب رجَّحَ فيه أنّ القصيدة لأبي محمّد القاسم بن يوسف، وأنّ ناسخاً ألحقَها بالدّيوان. ونهاية الأرب ٥/ ٢١٤، وأنوار الرّبيع ٢/ ٢٢٠. ولبعض المغاربة عند وفاة بعض أصحابه في الإيضاح ٦/ ١٣٩، ومعاهد التّنصيص ٤/ ١٣٩. وبلا نسبة في إيجاز الطّراز ص ٥٠٠، وخزانة الحمويّ ٤/ ٣٥٩، والقول البديع ص ١١٣. والاقتباس من آية الاسترجاع في قوله: (إِنَّا لِله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة: ١٥٦]. واعترض السُّبكيّ على تسميته اقتباساً، ولم يرضَ بهذا التَّغيير في الوزن أو غيره في عروسه ٢/ ٤٢٢ بقوله:
«لأنّ هذا اللَّفظ ليس من القرآن، والورعُ اجتنابُ هذا كلّه، وأن يُنزّه عن مثله كلامُ الله وكلام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، .... ». وقد أورد ابنُ معصوم في أنوار الرّبيع ٢/ ٢٢٠ ردَّ ابن جماعة على السبّكيّ بأنّه: «اقتباسٌ بالنَّظَر إلى الأصل الّذي هذا مُغايره».
ولعلَّ الحقَّ مع ابنِ جماعة، بألّا يكون الاقتباس للتفكُّه أو إساءة الأدب؛ كقول بعضهم في الكشكول ٢/ ١٥:
جاءني الحبُّ زائراً ... وعلى مهجتي عطفْ
قلتُ: جُد لي بقُبلةٍ ... قالَ: (خُذها ولا تخفْ)
[طه: ٢١] وقوله:
أَهْيَفُ كالبدرِ يُصْلي ... في قلوبِ النَّاسِ نارا
يَمزجُ الخمرَ بفيهِ ... فَـ (ترى النَّاسَ سُكارى)
[الحجّ: ٢] وهذا لا يليق بحقِّ كتاب الله تعالى وهَدْيِ رسوله.

<<  <   >  >>