للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ ابْنُ حِجَّةَ (١) - رَحِمَهُ اللهُ -: «حُسْنُ التَّخَلُّصِ هُوَ أَنْ يَسْتَطْرِدَ الشَّاعِرُ الْمُتَمَكِّنُ مِنْ مَعْنًى، إِلَى مَعْنًى آخَرَ يَتَعَلَّقُ بِمَمْدُوْحِهِ، بِتَخَلُّصٍ سَهْلٍ، يَخْتَلِسُهُ اخْتِلَاساً رَشِيْقاً دَقِيْقَ الْمَعْنَى؛ بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ السَّامِعُ بِالِانْتِقَالِ مِنَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، إِلَّا وَقَدْ وَقَعَ فِي الثَّانِي؛ لِشِدَّةِ الْمُمَازَجَةِ وَالِالْتِئَامِ بَيْنَهُمَا، حَتَّى كَأَنَّهُمَا أُفْرِغَا فِي قَالَبٍ وَاحِدٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَعَيَّنَ (٢) [مِنْ] (٣) نَسِيْبٍ، أَوْ غَزَلٍ، أَوْ فَخْرٍ، أَوْ وَصْفٍ لِرَوْضٍ، أَوْ وَصْفٍ لِطَلَلٍ أَوْ رَبْعٍ خَالٍ، أَوْ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي؛ يُؤَدِّيْ إِلَى مَدْحٍ، أَوْ هَجْوٍ، أَوْ وَصْفِ حَرْبٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَلَكِنِ الْأَحْسَنُ أَنْ يَتَخَلَّصَ الشَّاعِرُ مِنَ الْغَزَلِ إِلَى الْمَدْحِ.

وَهَذَا النَّوْعُ - أَعْنِيْ: حُسْنَ التَّخَلُّصِ - اعْتَنَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُوْنُ دُوْنَ الْعَرَبِ (٤)، وَمَنْ أُجْرِيَ مُجْرَاهُمْ مِنَ الْمُخَضْرَمِيْنَ.

وَمِنَ الْمَخَالِصِ الْمُسْتَحْسَنَةِ لِأَبِيْ تَمَّامٍ قَوْلُهُ فِيْ قَصِيْدٍ: [الكامل]

مَا زُلْتُ عَنْ سَنَنِ الْفُؤَادِ، وَمَا غَدَتْ ... نَفْسِيْ عَلَى إِلْفٍ سِوَاكَ تَحُوْمُ

لَا وَالَّذِيْ هُوَ عَالِمٌ أَنَّ النَّوَى ... صَبِرٌ وَأَنَّ أَبَا الْحُسَيْنِ كَرِيْمُ (٥)

وَمِنْ مَخَالِصِ أَبِي الطَّيِّبِ الْفَائِقَةِ قَوْلُهُ مِنْ قَصِيْدٍ: [الكامل]


(١) انظر: خزانة الحمويّ ٢/ ٣٩٩.
(٢) أي: المتخلَّص منه.
(٣) زيدت للسّياق.
(٤) يريد القدماءَ منهم.
(٥) له في ديوانه ٣/ ٢٩٠، وبديع ابن المعتزّ ص ٦١، والصّناعتين ص ٤٦٠، والعمدة ١/ ٣٧٧، ودلائل الإعجاز ص ٢٢٥، ونهاية الإيجاز ص ١٩٨، ومفتاح العلوم ص ٣٨١، والبرهان الكاشف ص ٢٦٤، وتحرير التّحبير ص ٤٣٥، وإيجاز الطّراز ص ٢٥٨.

<<  <   >  >>