المتن، شديدَ الالتصاقِ به أحياناً، إلى الحَدِّ الَّذي يجعلُه يلجأ إلى الأُسلوب الوَصفيِّ؛ مُتَّكئاً على نحو:«ذكَرَ»، و «قدَّمَ»، و «ثُمَّ ذكَرَ»، «ثُمَّ بيَّنَ»، والغريبُ أنَّه - على رغبته في التَّوضيح - لم ينأَ بنفسه عن أساليب المنطق في الشَّرح، ولعلَّ عُذرَه في ذلك أنَّه كانَ كثيرَ المتابعةِ للتّفتازانيّ.
وهذا كلُّه يُشيرُ بوضوحٍ إلى أنَّ العمريَّ أرادَ لشرحِه هذا أنْ يكونَ سهلَ المأخذِ، يأنسُ إليه القارئ.
وأمَّا حُسْنُ العَرضِ فقد ظهرَتْ أُولى ملامحِه في تقطيعِ المتنِ إلى كلمةٍ كلمة غالباً، أو إلى عبارات قصيرة جدّاً أحياناً، أو إلى فِقَرٍ يحسُنُ التَّوقُّفُ عندَ كُلٍّ منها نادراً، والعمريُّ يُمثِّلُ في هذا البابِ مذهباً مُبالَغاً فيه إذا ما قيسَ بصنيع شُرَّاحِ الأرجوزةِ الآخرين، فبعضُهم يُجمِلُ الكلامَ ولاسيَّما مَن شرحَ بالقول؛ كالشّنقيطيّ، وبعضُهم يتوسَّطُ في تجزئة المتن؛ كالغزّيّ.
ولم يقفِ العمريُّ عندَ هذا الحَدِّ، وكأنَّه أدركَ أنَّ تقسيمَ البابِ إلى فِقَرٍ تُفرَدُ، ثُمَّ تُشرَحُ منهجٌ غايتُه تقسيمُ النَّصِّ إلى ما يُمكن أنْ نُسمِّيَه أفكارَه الرَّئيسة، على وجه التَّقريب، للتَّخفيف على القارئِ، وعدَمِ الرّغبة في الإجمالِ والتَّطويل.
وله في هذا الباب مسالكُ؛ أظهرُها:
- ذِكْرُ الأقسام الرَّئيسة لمضمون الفَنِّ قبلَ الشُّروعِ في شَرحِه، ولاسيَّما إنْ كانَ الفنُّ كثيرَ التَّفريعات والتَّمثيلات؛ من ذلك ما تراه في أوَّلِ علم المعاني؛ إذْ حصَرَ أبوابَه الثَّمانية، وبيَّنَ دورَ كُلٍّ منها، ولا يُمكِنُ أنْ نُقلِّلَ من فائدةِ هذا التَّحديدِ قبلَ الشُّروعِ في عِلمٍ يزيدُ على مئةٍ وعشرينَ صفحةً، وكذا في أوَّلِ علم البيان؛ إذ يقولُ:«فانحصرَ المقصودُ من عِلم البيان في: التَّشبيه، والمَجاز، والكِناية»، وقد لا يكتفي بذلك، بل ينصُّ