للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيها عاد العسكر المصري من غزة الى مصر.

وفيها عزم (١) الصالح اسماعيل صاحب دمشق على أخذ الديار المصرية، فكتب الى الفرنج واستمالهم إليه (٢)، وكتب الى صاحب حمص والى ملك حلب والى سلطان حماه، فحضرت إليه العساكر، وكتب الى الملك الجواد وعتب عليه لمقامه عند الفرنج بعكا، وطالبه أن يخرج إليه بمن معه، فخرج الجواد وحضر الى خدمته. فخرج الصالح اسماعيل من دمشق ونزل على نهر العوجاء (٣)، فبلغه أنّ الناصر داوود مخيم على البلقاء (٤)، فما أمكنه التوجه الى مصر وهذا الداهية خلفه، فسار إليه والتقاه وتقاتلا، فانكسر الناصر داوود وهرب الى الكرك، وأسر الأمير شمس الدين سنقر الحلبي وهو من أكابر امراء دولته، ثم رجع صاحب دمشق الى نهر العوجاء وكتب الى الفرنج يطلب منهم نجدة، وأنّه يعطيهم جميع ما فتحه السلطان صلاح الدين. وكان حصل عند الجواد تقلّب خاطر من صاحب دمشق، فكتب الى الفرنج يحذّرهم منه، وأن الكتاب وقع في يد صاحب دمشق، فأحضر الجواد وأوقفه على الكتاب، فاعترف أنّه كتابه، فقبض عليه وقيّده ونقله الى قلعة دمشق، حبسه بها فمات بها، وقيل خنقه بوتر قوس (٥).

وفيها رحل الصالح صاحب دمشق من نهر العوجاء ونزل على تل العجول، أقام به أياما (٦) ولم يجد فرصة في العبور الى (٤٧ أ) الديار المصرية فرجع (٧) الى دمشق.


(١) حول أسباب عزم الملك الصالح على قصد مصر أنظر ابن العميد في المصدر السابق والسلوك ج ١ ق ٢، ص ٣٠٣.
(٢) عند ابن العميد: «ووعدهم أنه إذا ملك مصر أعطاهم البلاد الساحلية وجميع فتوح الملك الناصر صلاح الدين». أنظر ابن العميد المصدر السابق، وأيضا مفرج الكروب ٥/ ٣٠٢ والمختصر في أخبار البشر ٣/ ١٦٩، والسلوك ج ١ ق ٢، ص ٣٠٣.
(٣) نهر العوجاء: هو نهر بفلسطين يسمى قديما نهر أبي فطرس ويصب على مقربة من يافا.
(٤) البلقاء: هي مدينة شرق الأردن قصبتها عمان، أنظر معجم البلدان ١/ ٧٢٨.
(٥) حول مقتل الملك الجواد انظر تفاصيل ذلك عند ابن العميد في. B .E .O,T .XV .P .١٥٣: حيث يشير الى تفاصيل وافية لم نقع على مثلها في بعض المصادر الأيوبية المتأخرة. أنظر مرآة الزمان ٨/ ٧٣٧، مفرج الكروب ٥/ ٢٩٧، المختصر في أخبار البشر ٣/ ١٦٩.
(٦) في الأصل: أيام.
(٧) حول أسباب رجوع الملك الصالح اسماعيل الى دمشق يورد ابن العميد ما يشبه ذلك. قارن في المصدر السابق. أما المقريزي فإنه يشير الى سبب آخر وهو انضمام العسكر الشامي الذين كانوا برفقة الصاح اسماعيل الى العسكر المصري وقتالهم معا ضد الفرنج. أنظر السلوك ج ١ ق ٢ ص ٣٠٥.

<<  <   >  >>