للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَهِينٍ هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ ... } (١)، فقد وصفه الله وصفا كاشفا يعرفه كل أحد ومع ذلك فهو مبهم.

ولعل القرآن الكريم إنما بالغ في وصفه وكشفه ليعرفه النّاس ويحذروه، وليرتدع من كان فيه بعض تلك الصفات فيقلع عنها.

ومن ذلك أن العرب حين تتحدث عن الحرائر تكني، وإذا تحدثت عن الإماء تسمي، ومن هذا المنطلق جعل الزركشيّ تكرار اسم مريم في القرآن الكريم ردا على ما قالته النّصارى فيها وفي ابنها، وللتنبيه على أمر العبودية التي هي صفة لها، وليؤكد على أنّ عيسى ابن مريم ابنها بلا أب، كما قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} (٢).

[المطلب الرابع: الطريق إلى معرفة المبهم]

لا سبيل إلى معرفة المبهم في القرآن - على اختلاف جنسه - إلا بالقرآن نفسه الذي يبهمه في موضع ويبينه في موضع آخر. أو بالحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو بالأثر عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم.

قال الإمام السيوطي (٣) - رحمه الله -: مرجع هذا العلم النقل المحض، ولا مجال للرأي فيه، وإنّما يرجع فيه إلى قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه الآخذين عنه، والتابعين الآخذين عن الصحابة.

قال الزركشي (٤) - رحمه الله -: لا يبحث فيما أخبر الله باستئثاره بعلمه، كقوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ} (٥) والعجب ممّن تجرأ وقال: قيل إنهم قريظة، وقيل: من الجن.


(١) سورة القلم: الآيتان: ١٠، ١١.
(٢) سورة المؤمنون: آية: ٥٠.
(٣) مفحمات الأقران: ٨، وانظر: الإتقان: ٤/ ٨١ ومعترك الأقران: ١/ ٤٨٤.
(٤) البرهان: ١/ ١٥٥.
(٥) سورة الأنفال: آية: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>