للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحر يبرق مثل نسج العنكبوت، أو السراب (١).

أنشد الأصمعي (٢):

وذاب للشّمس لعاب فنزل ... وقام ميزان النّهار فاعتدل

تحقيق: قال المؤلف - وفقه الله -: تنازع النّاس في قول إبراهيم: {هذا رَبِّي} فمنهم من قال: كان ذلك منه قبل البلوغ في المغارة التي خبأته فيها أمه، حين أمر النمروذ بقتل الولدان، فأتاه جبريل/بعد ذلك وعلّمه دينه (٣). [/٦٤ ب]

وهذا التأويل يبطله قوله بعد ذلك: {إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ} (٤)، والصحيح أن هذه الواقعة كانت منه - عليه السلام - في حال التكليف، وأنه


(١) تهذيب الألفاظ: ٣٩١، والصحاح: ١/ ٢٢٠، واللسان: ١/ ٧٤١ (لعب).
(٢) لم أجد هذا البيت في الأصمعيات. وهو في تهذيب الألفاظ غير منسوب.
(٣) هذا جزء من أثر طويل أخرجه الطبري في تفسيره: (١١/ ٤٨١، ٤٨٢)، وفي تاريخه: (١/ ٢٣٤، ٢٣٥) عن ابن إسحاق. ونقله ابن الجوزي في زاد المسير: (٣/ ٧٢، ٧٣) عن ابن عباس من رواية أبي صالح. قال الطبري - رحمه الله - معقبا: «وأنكر قوم من غير أهل الرواية هذا القول الذي روي عن ابن عباس وعمن روى عنه، من أن إبراهيم قال للكواكب أو للقمر: هذا رَبِّي وقالوا: غير جائز أن يكون لله نبي ابتعثه بالرسالة، أتى عليه وقت من الأوقات وهو بالغ إلا وهو لله موحد، وبه عارف، ومن كل ما يعبد من دونه بريء. قالوا: ولو جاز أن يكون قد أتى عليه بعض الأوقات وهو به كافر، لم يجز أن يختصه بالرسالة، لأنه لا معنى فيه إلا وفي غيره من أهل الكفر به مثله، وليس بين الله وبين أحد من خلقه مناسبة، فيحابيه باختصاصه بالكرامة» وقال ابن عطية - رحمه الله - في المحرر الوجيز: (٥/ ٢٥٩، ٢٦٠): «ويضعف عندي أن تكون هذه القصة في الغار لقوله في آخرها: إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ وهي ألفاظ تقتضي محاجة وردا على قوم، وحاله في الغار بعيدة عن مثل هذا، اللهم إلا أن يتأول في ذلك أنه قالها بينه وبين نفسه، أي قال في نفسه معنى العبارة عنه: يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ ... ومع هذا فالمخاطبة تبعده ... ».
(٤) سورة الأنعام: آية: ٧٨، وهو معنى كلام ابن عطية في المحرر الوجيز كما مضى في التعليق السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>