للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأسامة (١) وجعار (٢) وقثام (٣) في الضبع ونحو هذا كثير.

قلت: فليس أمر النّملة من هذا لأنّهم زعموا أنّه اسم علم لنملة واحدة من الجنس معيّنة من بين سائر النّمل، وثعال ونحوه لا يختص بواحد من الجنس بل كل واحد رأيته من ذلك الجنس فهو ثعالة وكذلك أسامة وابن آوى وابن عرس وما أشبه ذلك.

فإن صحّ ما قالوه فله وجه: وهو أن تكون هذه النملة الناطقة قد سمّيت بذلك الاسم في التوراة أو في الزّبور أو في بعض الصحف سمّاها الله بهذا الاسم، وعرفها به الأنبياء قبل سليمان أو بعضهم، وخصّت بالتسمية لنطقها وإيمانها فهذا وجه، ومعنى قولنا بإيمانها أنّها قالت للنمل: {لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} فقولها: {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} التفاتة مؤمن أي أنّ سليمان من عدله وفضله جنوده لا يحطّمون نملة (٤) فما فوقها إلا بألاّ يشعروا.

وقد قيل (٥): إنّما كان تبسّم سليمان عليه السلام سرورا بهذه الكلمة منها، ولذلك أكّد التبسّم بقوله: {ضاحِكاً} إذ قد يكون التبسم من غير ضحك ولا رضى، ألا تراهم يقولون تبسّم تبسّم الغضبان، وتبسّم تبسّم المستهزئ، وتبسّم الضحك إنما هو عن سرور ولا يسرّ نبي بأمر دنيا وإنما يسرّ بما كان من الدين.


= اللسان: ١١/ ٨٤ مادة (ثعل).
(١) أسامة: من أسماء الأسد، لا ينصرف. اللسان: ١٢/ ١٨ مادة (اسم).
(٢) جعار: اسم للضبع لكثرة جعرها. اللسان: ٤/ ١٣٩ مادة (جعر).
(٣) قثام: مثل حذام، هي الأنثى من الضباع، والذكر يقال له: قثم. اللسان: ١٢/ ٤٦٢ مادة (قثم).
(٤) في نسخة (ح) زيادة كلمة: «واحدة».
(٥) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير: ٦/ ١٦٢ ونسبه للمفسرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>