للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه إن طلّقها زيد تزوّج بها، لأنّه كان يحبّ ضمّها لنفسه كما يحب أحدنا ضمّ قرابته إليه حتى لا ينالهم ضرر، إلا أنّه عليه السلام ما أظهر ذلك اتقاء من ألسنة المنافقين فالله تعالى عاتبه على التفات قلبه إلى الناس فقال (وتخشى النّاس والله أحقّ أن تخشه).

الثالث: أنّ زينب طمعت في أول أمرها أن تتزوّج (١) رسول الله صلّى الله عليه وسلم فلما خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد، شقّ عليها وعلى أبيها وعلى أمّها حتى نزل قوله تعالى: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ} الآية (٢)، فانقادوا كرها، فلما حصل عليها زيد لم تساعده، ونشزت عليه لاستحكام طمعها في الرسول عليه السلام واستحقارها زيدا، فشكاها زيد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال عليه [الصلاة] (٣) والسلام «أمسك عليك زوجك» وأخفى في نفسه استحكام طمعها فيه لأنّه عليه السلام لو ذكر ذلك لزيد لتنغّصت (٤) عليه تلك النعمة، ولقال المنافقون: إنّما قال ذلك طمعا في تلك المرأة، فعاتبه الله على إخفاء هذا الأمر.

فهذه الوجوه الثلاثة صالحة في تأول الآية، والله الموفق لا رب سواه (٥)، ذكرها الإمام الفخر في الأربعين (٦).


(١) في نسخة (ح): «برسول».
(٢) سورة الأحزاب: آية: ٣٦.وتمامها: وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ، وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً.
(٣) ساقطة من الأصل ونسخة (ح).
(٤) في الصحاح قوله: «نغّص الله عليه العيش تنغيصا أي: كدره وتنغصت عيشته أي: تكدرت». الصحاح: ٣/ ١٠٥٩ مادة (نغص).
(٥) في نسخة (ز): «غيره».
(٦) كتاب الأربعين للفخر الرازي توجد منه نسخة مخطوطة في مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى تحت رقم (٥٤٧) مجاميع توحيد، إلا أنه ناقص ولم أجد فيه ما ذكره المؤلف رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>