للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف - وفقه الله -: والأظهر والذي عليه حذّاق المتأخرين أنّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان ثاني خديجة في الإيمان، وأوّل الذكور أسلم وجهه للرحمن (١)، وأمّا ما جاء في شأن أبي بكر فمحمول على أحد وجهين:

أحدهما: أنّه أوّل من أظهر الإسلام (٢).

الثاني: أنّه أول من أسلم من الكهول (٣)، ولا يلزم من تأخّر إسلامه برهة قليلة من الزمان طعن على الرسول عليه السلام، لأنّ دعوى جميع الخلق إلى الله في فور واحد متعذّر ولا بدّ أن يكون بتدريج فدعا أولا خديجة فآمنت به، ثمّ دعا [عليا] (٤) لأنّه كان معه وأقرب الخلق إليه فآمن به، ثمّ دعا بعد ذلك من كان يحبه ويميل إليه ويتوسّم (٥) فيه سرعة الانقياد إليه من أكابر قريش وذلك أبو بكر فآمن به بلا طعن في هذا على النّبي كما ذكر الخصم أولا - والله أعلم.

وإذا ثبت أنّ إسلام علي كان سابقا لإسلام أبي بكر فلا يلزم من تخصيصه بهذه الخاصية أن يكون أفضل من أبي بكر مطلقا، دليل هذه القاعدة تعرّض الشيطان لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيح (٦)، وفراره من عمر قال


(١) قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: ٢/ ٥٠٧ تحت ترجمة الإمام علي رضي الله عنه: «أول الناس إسلاما في قول كثير من أهل العلم».
(٢) قال ابن أثير في أسد الغابة: ٤/ ٩٤: «سئل محمد بن كعب القرظي عن أول من أسلم: علي أو أبو بكر؟ قال: سبحان الله علي أولهما إسلاما، وإنما اشتبه على الناس لأن عليا أخفى إسلامه عن أبي طالب وأسلم أبو بكر وأظهر إسلامه».
(٣) الكهل من الرجال: الذي جاوز الثلاثين وخطه الشيب. الصحاح: ٥/ ١٨١٣، اللسان: ١١/ ٦٠٠ مادة كهل.
(٤) في الأصل: «عليها» وهو خطأ.
(٥) قال في اللسان: ١٢/ ٦٣٧ مادة وسم: توسم فيه الشيء تخيله يقال: توسمت في فلان خيرا أي رأيت فيه أثرا منه وتوسمت فيه الخير أي تفرست، مأخذه من الوسم أي عرفت فيه سمته وعلامته.
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه: ١/ ١١٨ عن أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجه الإمام مسلم -

<<  <  ج: ص:  >  >>