للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ولو صحّ كان مخصوصًا في العبد إذا شهد على العبد، ولا نعلم خلافًا بين الفقهاء: أن العبد والحر سواء فيما تجوز الشهادة فيه، فإن قيل: لما كان خبر العبد مقبولًا إذا رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن رقه مانعًا من قبول خبره، كذلك لا يمنع من قبول شهادته. قيل له: ليس الخبر أصلًا للشهادة، فلا يجوز اعتبارها به، ألا ترى أن خبر الواحد مقبول في الأحكام، ولا تجوز شهادة الواحد فيها، وأنه يقبل فيه فلان عن فلان، ولا يقبل في الشهادة إلا على جهة الشهادة على الشهادة، وأنه يجوز قبول خبره إذا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا تجوز شهادة الشاهد إلا أن يأتي بلفظ الشهادة والسماع والمعاينة لما يشهد به، فإن الرجل والمرأة متساويان في الأخبار، مختلفان في الشهادة؛ لأن شهادة امرأتين بشهادة رجل، وخبر الرجل والمرأة سواء، فلا يجوز الاستدلال بقبول خبر العبد على قبول شهادته.
قال أبو بكر: قال محمد بن الحسن: لو أن حاكمًا حكم بشهادة عبد، ثم رفع إلي، أبطلت حكمه؛ لأن ذلك مما أجمع الفقهاء على بطلانه.
وقد اختلف الفقهاء في شهادة الصبيان: فقال أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر: لا تجوز شهاده الصبيان في شيء. وهو قول ابن شبرمة، والثوري، والشافعي.
وقال ابن أبي ليلى: تجوز شهادة بعضهم على بعض. وقال مالك: تجوز شهادة الصبيان فيما بينهم في الجراح، ولا تجوز على غيرهم، وإنما تجوز بينهم في الجراح وحدها، قبل أن يتفرقوا ويجيئوا ويعلموا، فإن افترقوا فلا شهادة لهم، إلا أن يكونوا قد أشهدوا على شهادتهم قبل أن يتفرقوا، وإنما تجوز شهادة الأحرار الذكور منهم، ولا تجوز شهادة الجواري من الصبيان والأحرار.
قال أبو بكر: روي عن ابن عباس، وعثمان، وابن الزبير، إبطال شهادة الصبيان. وروي عن علي إبطال شهادة بعضهم على بعض. وعن عطاء مثله.
وروى عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت قال: قيل للشعبي: إن إياس بن معاوية لا يرى بشهادة الصبيان بأسًا. فقال الشعبي: حدثني مسروق: أنه كان عند علي كرم الله وجهه إذ جاءه خمسة غلمة فقالوا: كنا ستة نتغاط في الماء فغرق منا غلام، فشهد الثلاثة على الإثنين: أنهما غرقاه، وشهد الإثنان أن الثلاثة غرقوه، فجعل على الإثنين ثلاثة =

<<  <   >  >>