للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكيع، عن أسامة بن زيد (١)، سمع عبد الله بن رافع (٢) مولى أم سلمة، [عَنْ أُمّ سَلَمَة] قالت: جاءَ رجلانِ من الأنصار يختصمان في مواريث بينهما قد دَرَسَتْ، ليست فيها بيّنة (٣). فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّكمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وإِنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ عَلَى نحوِ مَا أَسْمَعُ مِنْكُمْ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَلاَ يَأْخُذْهُ، فَإنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ يَأتِي بِهَا إسْطَامًا (٤) في عُنُقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". قال:


= فكان جوابنا له: أن التحليل الذي في هذا الحديث لم يرد به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما توهّمه عليه، وإنما أراد به أن الشيء الذي يقتسمانه قد يكون فيما أخذه أحدهما حق لصاحبه، فيكون حرامًا عليه أخذه وحرامًا عليه الانتفاع به، وإذا حلّله منه، حلّ له الانتفاع به، وكان ذلك حرامًا عليه لو لم يكن ذلك التحليل، وكان ما هما فيه لا يقدر فيه على تخليص لهما من شيء من أسبابه خلاف ذلك؛ لأنهما لا يقدران على عقد بيع فيه، إذ كان كل واحدٍ منهما لا يدري ما يحاول بيعه من ذلك، وأن ذلك إذا كان في البيع غير مقدورٍ عليه كان في الهبة والصّدقة كذلك أيضًا، وكانت كل واحدةٍ منهما من العمل في ذلك أبعد من عمل البيع فيه، وكان المقدور عليه في ذلك التحليل من كونه في يد الذي ليس له، والانتفاع به، فأمرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمقدور عليه في ذلك، ونقلهما به من حال حرمة قد كانت قبله إلى حال حلّ خلفها، وكان ما كان منّة من الله عليه في ذلك حكمه، وبالله التوفيق.
(١) تحرف في المخطوط إلى: (يزيد). وهو أسامة بن زيد الليثي، أبو زيد المدني، روى له مسلم في الشواهد، وهو حسن الحديث. وقال ابن حجر في التقريب: صدوق يهم.
(٢) تحرف في المطبوع من شرح المعاني إلى: (نافع).
(٣) في شرح معاني ومشكل الآثار: (بينهما).
(٤) السطام: المسعار، لحديدة مفطوحة يحرك بها النار. والإسطام: المسعار. القاموس المحيط.

<<  <   >  >>